لدن بطن قدميه إلى حاق ذوائب رأسه ، ثم لله عليه بعد هذا كله إذا صلى في لباسه ، ألا يصلي فرضا ولا تنفلا في شيء منه ، حتى تزول عنه كلما ذكرنا من النجاسة كلها عنه ، وأن يكون اللباس مع زوال نجاسته ، غير فاحش المنظر في وسخه ولا دناسته ، فإذا أنقى اللباس كله من كل نجس ، وبري من كل ما ذكرنا من فاحش الوسخ والدنس ، وطهّر ما يتوضأ به من الماء ، وكلما يتطهر فيه من إناء.
[طهارة الماء والمكان]
وطهارة الماء أن لا يتغير ريح ولا لون ولا طعم ، وطهارة الإناء ألا تكون فيه نجاسة تعلم ، (١) فإذا أتم المتوضّئ وضوءه هذا كله ، وقام بما لله عليه فيه فأكمله ، فهو حينئذ الطاهر غير شك ولا مرية ، ثم لله عليه بعد أن لا يصلي من بقاع الأرض إلا في بقعة نقية ، ولا يستتر بسترة من حجر أو مدر ، إلا أن يكون طاهرا من كل نجس أو قذر. فإذا أتم هذا كله من أمره ، فقد أتم ما أمره الله سبحانه به من وضوءه وطهره ، فغسل دبره وقبله ، وأنقى ذلك منه كله ، وطهر منه ما أمره الله سبحانه بتطهيره ، وقدم ما أمره الله بالتقديم له في الطهارة على غيره ، وكان تقديم ما قدم منه على غيره في التطهير ، دليلا على حكمة من حكم بتقديمه في التدبير ، وشاهدا على أن من حكمه متعالي من غفلة المغاليط ، وعالما بفرقة بين المحابّ في الأشياء والمساخيط.
ولتقديمه على غيره ، ما أمر الله به من وضوءه وتطهيره ، ما يقول الله سبحانه ، ما أوضح أمره وبيانه : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) [النساء : ٤٣ ، المائدة : ٦].
فأوجب سبحانه على كل متغوط من الوضوء إذا وجد الماء ، ما أوجب من الغسل إذا اوجد (٢) في ملامسة النساء ، وقد يعلم أن المجيء للغائط قد يكون للخلاء والأبوال ،
__________________
(١) في المخطوط : (تعلم ولا ترى). ولعلها زائدة.
(٢) هكذا في المخطوط.