[الاغتسال من الجنابة أو النفاس]
وعلى من تطهر مما أمره الله بالتطهرة منه من الملامسة والاجتناب ، أن يغسل جسده كله جميعا ولا يلتفت فيتخفف إلا فيما تجوز الصلاة فيه من الثياب ، مع ما أوجب الله سبحانه عليه من اغتساله ، بما كان أوجبه الله عليه قبل من الوضوء على حاله ، لأن الله سبحانه قد فرض الوضوء أولا وحكمه ، كما فرض من الغسل في ملامسة النساء عليه فلزمه ، فجعل الله الوضوء عليه للصلاة واجبا ، كما أوجب عليه الغسل من الجنابة إذا كان جنبا. وعليه أن يقدم من الوضوء عند اغتساله وتطهره ، ما قدمه الله عليه وبيّنه له فيه من أمره ، فإن انتقص شيئا مما عددنا من هذا كله ، في طهارة لباسه أو في شيء مما حددناه من وضوءه وغسله ، كان منتقصا لما أمر به ، وعاصيا ـ فيما انتقص ـ الله ربه ، وكان عليه في ذلك كله الإعادة لما ترك ، وإلا كان هالكا عند الله سبحانه بتركه له فيمن هلك ، ومنتقصا بما ترك منه لأمر الله وعهده ، ومتعديا لما حدد الله في الطهارة من حده.
فإن لم يجد المتوضّئ المغتسل ، أو المتوضّئ الذي لا يغتسل ، ماء طهورا يتطهران لصلاتهما به ، تيمما صعيدا طيبا لا يشكان في طهارته وطيبه ، فمسحا إذا لم يشكا في طهارته منه بوجوههما وأيديهما ، فإذا فعلا ذلك فقد أديا فرض الله في الطهارة عليهما ، ولا يطهرهما في التيمم ويجزيهما مسح وجوههما وأيديهما ، حتى يعلق التراب بهما وعليهما ما يبين به أثر التراب فيهما. ومكان ما للوجه من الحد في مسحه من الصعيد ، مكان ماله من الوضوء سواء وفقا من التحديد ، وحد مسح متيمم الصعيد إذا مسح بيديه ، أن يمسح باطنهما وظاهرهما إلى مرفقيه ، ولا يطهر أبدا إلا من أتم طهارته بيقين لا شك فيه ، ولا ينقض وضوءه ولا طهارته بعد يقينه بها إلا يقين بنقضها ثابت ويصير إليه ، وإلا فطهارته أبدا ووضوؤه (١) وتطهيره ، لا يزيل يقينه بها شك منه ولا حيرة ، ولا ينقض ماله بها من حكم التطهر ، إلا ما خرج من قبل أو دبر ، أو حدث من دم سائل يقطر ، أو يسفح من أي جسده خرج فينحدر ، فأما ما خرج منه من البدن
__________________
(١) في المخطوط : ووصوباته. ولعل الصواب ما أثبت.