والصغر ، شبيها بالخردلة أو بما زاد قليلا عليها من القذر ، (١) ولا تجب على من صلى به إعادة ـ إذ لا يسفح ـ لصلاته ، ولا ينتقض عليه وإن لم يغسله [شيء] من طهارته ، وما كان من الدم لا يسفح من خروجه ، ولا يقطر عن رأسه ، فلا إعادة فيه ، فإن كان في بدن المصلي أو ثوبه دم يكثر ، حتى لا يشك في أنه مما كان يسيل أو يقطر ، فنسيه حتى صلى ، (٢) عاد لصلاته فصلى ، لأن نسيانه لما يجب عليه منه ، لا يزيل فريضة الله في الصلاة عنه ، ولم نوجب إلا ما أوجبه غيرنا.
القول في التيمم
وإن سأل سائل عن من لم يجد ماء وكان في مكان لا يقدر فيه أن يجد طيب الصعدان كيف يصنع في صلاته ، وما الذي يجب عليه من طهارته؟
قيل : يصلي ولا يتيمم بشيء وإن حضره وكثر عنده فلم يعدمه ، إلا أن يجد الصعيد الطيب الذي أمره الله سبحانه أن يتيممه فليتيممه ، فإن لم يجده لم يمسح يديه ولا وجهه بغيره ، وكان قد زال عنه فرض ما أمره الله فيه بتطهيره ، لأن الله سبحانه لم يذكر أن طهرا يكون إلا به أو بالماء ، وقد علم الله جل ثناؤه مكان غيرهما من الأشياء ، فلم يأمر المؤمنين به ولم يذكر لهم سبحانه فيما ذكر من تطهير الصعيد لهم ، وغناه في الطهارة عنهم ، (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [المائدة : ٦].
وقد قال غيرنا : إن من وجد برذعة حمار ، أو كان في بيت مبلط بزجاج أو رخام ، تيمم أيّ ذلك وجده فمسح بوجهه ويديه ، وكان ذلك مؤديا عنه لفرض الله في الطهارة عليه ، وهذا خلاف لما أمر الله به من تيمم الصعيد لا يخفى ، وقول لا يقول به إلا من جهل وجفا ، ولو جاز أن يتيمم بما هو غير الصعيد لا يشك فيه من هذه
__________________
(١) في المخطوط : من القذر من الدم. وهي زيادة من سهو النساخ.
(٢) في المخطوط : حتى صلى ثم عاد. فحذفت (ثم) لأنها زايدة لأن جملة (عاد لصلاته فصلى) جواب الشرط ، وما بعدها تعليل.