[الواجبات الشرعية]
ثم فرض سبحانه عليهم بعد توحيده وما فهم (١) من فرائض حقه ، الصلاة سياسة بما فرض منها بحقه ، وإحياء بها لذكره وتعظيمه ، ولما فيها من خشوع كل مؤمن وتقويمه ، لطاعة الله وأمره وإجلاله ، عند ما يخطر فيها من ذكر الله بباله ، ولما له ما كان فيها وبها من العصمة والبركة ، والنجاة عند قيامه إليها وفيها من كل معصية مهلكة ، من كل فحشاء أو منكر ، أو استكبار متكبر ، ولها وفيها ، ولدعائه إليها ، ما يقول سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى وآله : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت : ٤٥]. وأنهى لمن كان لأمر الله منتهيا عن كل فحشاء أو منكر ، ومستكبر من معصية الله أو مستصغر. فصدق الله لا شريك له في خلق ولا أمر ، ولا حكم لخاطرة ذكر أكبر ، وأنهى (٢) لمن آمن به عن كل معصية وجرم ، أزجر (٣) من كل كبير من الأمور أو ناهية ، وأجل وأعلى من كل جليل وعالية ، ازدجر بها مزدجر فانتهى ، ووفّق لها موفّق فاهتدى.
ولما جعل الله له من الصلاة من ذكره ، فيها للرسل ما تقدم من أمره ، فلم تحل رسل الله من أمر الله به فيها ، ولم تزل رسل الله صلوات الله عليها ، تدعو الأمم في سالف الدهور إليها ، فقال تبارك وتعالى في إسماعيل رسوله ، صلى الله عليه وعلى جميع رسله : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) (٥٥) [مريم : ٥٥].
وقال عيسى صلى الله عليه : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (٣١) [مريم : ٣١].
__________________
(١) في (ب) و (ج) : فيهم. مصحفة.
(٢) في (أ) : وأنها. مصحفة. إلا إذا كتبت الألف المنقلبة عن الياء كالألف المنقلبة عن الواو. فلا تصحيف ، بل هي هي.
(٣) أي : هي أزجر.