ذلك من الماء حدا محدودا ، ولا نوجب عليه عددا معدودا ، لأن الله جل ثناؤه لم يحد في ذلك حدا فنحده ، ولم يوجب عليه من العدد عددا معلوما فنعده ، ولم (١) يجعل لمن اغتسل أنه يقصر عنه ، وأن ينقص في طهارته شيئا منه ، وإنما جعلناه كذلك لأن الله سبحانه قال : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء : ٤٣]. وقال : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة : ٦] ، ولم يقل قولا وأكثروا ، فاقتصرنا من ذلك على ما اقتصر ، وقلنا لمن وجب عليه الغسل اغتسل وتطهّر ، وكذلك قلنا لمن طمث من النساء ، وقلنا من بعدهن للنفساء. لأن أقل حكمها ، فيما تريق من دمها ، أن الحيض منها والطمث ، لا يقول بخلاف ذلك إلا جاهل عبث ، لأن الله سبحانه قال فيهن ، وفيما حكم من الغسل عليهن : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢٢٢) [البقرة : ٢٢٢].
والاجتناب فهو ما لا يجهل ـ والحمد لله ـ من الانزال والامناء ، فمتى صار إلى ذلك صائر فهو جنب باحتلام كان ذلك أو بمداناة النساء.
وعلى كل مغتسل من هؤلاء يغتسل ، من الوضوء معه مثل الذي كان قبل الاغتسال يفعل ، لا يزيل عنه فرض الوضوء كما فرض الغسل ، فهما (٢) واجبان على كل من اغتسل.
[التيمم]
فمن لم يجد ممن سمينا ماء يطهره ، تيمم صعيدا طيبا لا يستقذره ، فيمسح بوجهه ، ويديه منه ، وكان مجزيا من ذلك أن يضرب بباطن يديه على الصعيد حتى يلصقا بترابه لصقا ، ثم ينفضهما مصفوفتين نفضا رقيقا ، ثم يمسح بهما وجهه ولحيته وعنفقته وشاربه معا ، ويتبع بالمسح من وجهه أماكن الوضوء أولا ، ثم يضرب بيديه على الصعيد ضربة أخرى ، ثم يعمل في بعضهما مثل ما كان عمل بهما ، ثم يمسح بيسرى يديه على يمناهما ،
__________________
(١) في (ب) : ولا.
(٢) في (أ) و (ج) : فيهما. مصحفة.