ويمسح بيمنى يديه على يسراهما ، ويمسح كل واحدة من يديه إلى المرافق ، فهو أحب إليّ لقول الله في غسلهما : (إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة : ٦] ، وإنما جعل التراب لهما ، بدلا من غسلهما ، فيستحب أن ينتهي إلى منتهى الماء منهما ، ولا يقصر بالتراب كما لا يقصر بالماء (١) عنهما ، وإن اقتصر مقتصر على المسح على اليدين إلى الرسغين ، أجزأه إن شاء الله لأن الله جل ثناؤه لم يحدد التيمم للذراعين ، كما حدد ـ تنزيلا ـ الغسل إلى المرفقين ، إلا أن مسحهما كما قلنا عندنا أحوط ، وأبعد أن يكون فيه لمحتفظ متنعم (٢) أو مسخط.
وأما الوضوء وما قيل به من تحديده ، فلست أقول به ولا بشيء من تعديده ، لأن الله تبارك وتعالى لم يحد منه عند أمره ما حدوا ، (٣) ولم يجعل له في منزل كتابه من العدد ما عدوا ، بل قرّب فيه سبحانه السبيل البيّن اللائح ، وأقام به لمن كلفه إياه الدليل المنير الواضح ، فلم يلبسه بضروب التفنين ، بل أناره سبحانه بمعلوم من التبيين ، فقال سبحانه : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة : ٦]. فقال سبحانه اغسلوا ، ولم يقل أكثروا وأقلوا ، وكان فيما قال من ذلك أكفى الكفاية لنا ، ولأولئك ولمن مضى قبلنا ، الغسل مرة أو مرتين ، (٤) اكتفاء منه سبحانه لنا ولهم بالتبيين ، فمتى ما اغتسلنا ، أكثرنا أو أقللنا ، فقد ـ بمنّ الله ـ ورحمته أدينا ، ما أوجب من الغسل علينا.
[مسح الرأس]
ومتى ما مسحنا كل رءوسنا ، فقد أدينا مسحها بيقين من نفوسنا ، ولا يعارضنا
__________________
(١) في (أ) و (ب) : منهم. وأشار في (أ) : إلى نسخة أخرى ب (منهما). وفي (أ) : ولا يقتصر. في الموضعين. وفي (أ) : بالتراب. وهو خطأ واضح.
(٢) هكذا في (أ) و (ب). وقد شكل على الكلمتين في (أ). ولم يتبين لي المراد منهما.
(٣) في (أ) و (ب) : ما حد. والزيادة مني اجتهاد.
(٤) في المخطوط : مرة ولا مرتين. وما أثبت اجتهاد.