في القعود كما أمرهم إذا كانوا ركعا وسجودا ، وفرض الصلاة الأول فإنما كان ركعتين بما كان فيهما من القيام والركوع والسجود ، فأقر فرضهما كله على ما كان عليه من الركوع والسجود والقعود ، وزيد فيها ، ومنها وعليها ، في كل أربع ركعتين آخرتين ، ولذلك لزم القعود في كل ركعتين. وسنذكر ـ إن شاء الله ـ التشهد للآخرتين ، فيما جاء عن النبي صلى الله عليه ، من القول عنده وبه وفيه.
باب التقصير
وقلنا : تقصر الصلاة للمسافر ، من كل بر وفاجر ، لأن فرضهما المقدم كان في السفر والحضر على ركعتين ، وقبلنا ذلك وأخذنا به لما فهمناه منه عن كتاب الله المبين ، ولم نأخذ ذلك عن روايتهم ، وإن كانوا قد رووه ، ولم نقبله عنهم ـ والحمد لله ـ وإن رأوه ، قال الله لا شريك له فيما قلنا فيه من ذلك بعينه ، وفيما فهمنا عن الله بالكتاب من تبيينه ، فيه نفسه لرسوله ، صلى الله عليه وأهله : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) ـ والضرب هو : المسافرة إليها ـ (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٠١) [النساء : ١٠١] ، فأبان في هذه الآية نفسها قصرها في السفر تبيينا ، ودل على أن فرضها فيه ركعتان ، وأنهما عليهم كلما ضربوا في الأرض ثابتتان ، قصرها في هذه الآية إنما هو تنصيفها إذا كانوا في حرب مع الإمام ، أو مجمّعين جميعا منه في مقام ، ألا تسمع كيف يقول تبارك وتعالى لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا ...) [النساء : ١٠٢]. يقول سبحانه : فإذا أتموا ركعة وسجدوها ، فلتأت الطائفة الأخرى التي لم تصل فلتصل معك الركعة الثانية بعدها ، وكل طائفة من الطائفتين فقد قصرت صلاتها عن أن تتمها ، إذ (١) لم تصل مع الرسول صلى الله عليه إلا بعضها ، فهذا هو التقصير
__________________
(١) في المخطوطتين : إذا. وما أثبت اجتهاد.