يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٢٩) [ق : ٢٩] ، وقوله جل ثناؤه لرسولهصلىاللهعليهوآلهوسلم في منزل الكتاب : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧) [غافر : ١٧].
ومثل ذلك قول عيسى صلوات الله عليه : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١١٨) [المائدة : ١١٨].
وقول إبراهيم صلى الله عليه : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٦) [إبراهيم : ٣٦] ، وكل ذلك منهم فإنما هو خبر عما لله من القدرة ، على ما يشاء من العذاب والمغفرة.
١٠٦ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) [الأعراف : ١٩٠]؟
فهو ما وهب لهما من ولدهما وأعطاهما ، جعلا [له] فيما أحسب بين الله وبينهما ، يعبد (١) الله ويحرث الحرث ، وقد يذكر في التوراة أنهما سمياه عبد الحارث ، وقالوا إن الحارث هو إبليس ، فيما أحسب وهم وهمته اليهود في التفسير فقالت فيه بالتلبيس ، وأدخلوا مكان ما جعلاه له من الحرث عبد الحارث ، فجعلوه عبدا لما جعلاه ولم يفرقوا فيه بين الحرث والحارث ، ألا ترى كيف يقول سبحانه : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) [الأعراف : ١٩٠] يعني : ولدا ذكرا (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) [الأعراف : ١٩٠] منه فيما آتاهما ، يريد تبارك وتعالى : نصيبا فيما أعطاهما ، من صالح الولد ، فجعلاه بينهما وبين التعبد ، ألا ترى لقوله سبحانه فيه ، إذا يسلماه كله إليه : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٩٠) [الأعراف : ١٩٠] ، يقول فتعالى الله أن يكون (٢) هو وهم في شيء من الأشياء مشتركون ، كما قال في أهل الجاهلية : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ
__________________
(١) في المخطوط : فعبد الله. ولعلها مصحفة ، والصواب ما أثبت والله أعلم.
(٢) يكون هذه هي التامة وإلا لقال في خبرها (مشتركين).