يقول تعالى لرسوله ، (١) صلىاللهعليهوآله : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (٧) [المزمل: ٤ ـ ٧] ، يقول سبحانه : إن لك في النهار مهلا وتمهيلا ، فكفى بما وصفت لكم بهذا بيانا ودليلا ، فالحمد لله وليّ المن به وبغيره من الاحسان ، ونسأل الله العون على ما نزل في وحي كتابه من البيان.
واعلموا يا بني : أن في كتاب الله جل جلاله ، حرام الله كله وحلاله ، فليس لأحد تحليل ولا تحريم إلا به ، فمن أبى ذلك فهو من الجاهلين بربه ، لقول الله تبارك وتعالى فيه : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ) [الأنعام : ١١٩] ، ولقوله سبحانه في تنزيله ، بعد ما ذكر فيه من تحريمه وتحليله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣] ، وكفى بهذا على ما قلنا به فيه علما وتبيينا.
[المحكم والمتشابه]
وفيما نزل الله يا بني : من وحيه ، بعد الذي بيّن فيه من أمره ونهيه ، متشابه باطن خفي ، لا يتبين منه أبدا شيء ، جعله الله متشابها كذلك ، ليس يعلمه أحد غير الله لذلك ، وكيف وإن اجتهد أبدا ، وأهدى ما في ذلك من الهدى ، فهو العلم ، بأنه لا يعلم ، وهو للقول فيه ، عند النظر إليه ، ما ذكر الله سبحانه أنه قال : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [آل عمران : ١] ، فليس يعلم منه متشابه الآيات ، إلا من علمه إياه رب السماوات ، ومن كتاب ، رب الأرباب ، ما يظن ويتوهم ، متشابها وهو محكم ، إلا أنه قد دخل فيه بعض الوهم ، على بعض من سمعه من أهل العلم ، فإذا ثبت فيه ، ودل عليه ، أسفر له وأنار ، ووضح له وبان.
__________________
(١) سقط من (ب) : من قوله : لرسوله ... إلى قوله : قولا ثقيلا.