١٥٥ ـ وسألت عن قوله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا ...) [المائدة : ٩٣] الآية؟
يقول الله سبحانه ليس على من اتقى وآمن جناح ، يعني : إثما فيما أكل وطعم من طيبات الأطعمة ، التي ليست عند الله بمحرمة ، لأن من المؤمنين من كان يترك أكل بعض الطيبات زهادة في الدنيا ، والتماسا في ذلك لما يحب الله ويرضى ، وممن ذكر بذلك عثمان بن مظعون (١) ، كان فيما بلغنا قد حرم على نفسه أكل اللحوم ، فنهاه الله وغيره من المؤمنين عن تحريم ما لم يحرم من المطاعم الطيبة ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧) [المائدة : ٨٧] ، فأخبرهم سبحانه وغيرهم من الأتقياء البررة ، أنها لمن آمن به في الدنيا خالصة في الآخرة ، فقال سبحانه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢].
١٥٦ ـ وسألت عن قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة : ١٠٥]؟
إنما قال سبحانه للذين قالوا : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) [المائدة : ١٠٤] من دينهم ، وأكثروا الاتباع لدين غيرهم ، عليكم بأنفسكم خاصة ، فليس يضركم إذا اهتديتم ضلال من اعتقد ضلالة ، كان أبا أو غيره لأن كل امرئ إنما يحاسب بما عمله وماله ، فإن اهتدى نجا سالما ، وإن ضل هلك ظالما ، لأنه (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) [النجم : ٣٨ ـ ٣٩].
١٥٧ ـ وسألت : [عن] (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) [الأعراف : ١٩٤ ـ ١٩٥]؟
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) فهو من دونه سبحانه كذبا وافتعالا ، وقد
__________________
(١) سبق تخريج القصة.