ليقينه ، كان موقنا بذلك في دنياه أو دينه ، وقد يكون من أسباب اليقين لغيره برسالته ، وما نزله الله عليه من حكمه وآياته ، ما في أيدي أهل كتب الله من ذكره ، وهدايته في دينه وأمره ، فقال سبحانه : (فَإِنْ كُنْتَ) ولم يقل إن كان غيرك ممن آمن أو لم يؤمن في شك أو ارتياب ، فاسأل عن أمرك أهل الكتاب.
١٦٠ ـ وسألت عن قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ...) [المائدة : ١٠٦] الآية (١)؟
(شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) هو الشهادة بينكم في قضاياهم وموارثيهم عند نزول الموت وحضوره ، عند ما يكون في ذلك للميت من أموره ، أن يستشهدوا عند الموت شهيدين من أنفسهم ، أو آخرين من غيرهم ، إن لم يحضر مسلمان عند الموت من غيرهم ، لأنه ربما حضر الموت الرجل المسلم ، في السفر أو غيره وليس عنده إلا كافر أو مجرم ، فيضطر إلى شهادتهما ، وإن هو لم يرض بهما ، فإذا كانا معروفين في دينهما بالتحرج من الزور والظلم ، استشهدا على الوصية وغيرها (٢) إذا لم يظفر بمسلم ، (فَإِنْ عُثِرَ) [المائدة : ١٠٧] وهو : ظهر على أنهما آثمان ، وأنهما ليسا بصادقين فيما عليه يشهدان ، حبسا بعد صلاة من الصلوات ، وحبسهما وقفهما فأقسما في وقت مما ذكر الله من الأوقات ، و (إِنِ ارْتَبْتُمْ) [المائدة : ١٠٦] هو : ظننتم أنهما كذبا ، فزادا أو نقصا ، فليحلفان بالله لا نشتري بشهادتنا وقولنا ثمنا ، ولا نشهد بغير الحق لأحد ولو كان ذا قربى ، ولئن فعلنا فكتمنا شهادتنا (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١٠٦) [المائدة : ١٠٦] ، يريد : إنا إذا لمن الظالمين ، وفيما في الشهادة من الظلم ، بالإخفاء لها (٣) في الكتم ، ما يقول الله سبحانه : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة : ٢٨٣] ، فإن استحق أنهما
__________________
(١) تكملة الآية (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ ، فَإِنْ عُثِرَ ...) [المائدة / ١٠٦ ١٠٧].
(٢) في المخطوط : وغيرهما. ولعلها كما أثبت.
(٣) في المخطوط : لهم. لعلها مصحفة ، والصواب ما أثبت.