صدع من صخر الجبال ما صلب ، واسمع لذلك وفيه ، ومن الدلالة عليه ، ما يقول الله سبحانه في تسبيح الملائكة : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) [الشورى : ٥] خبرا عن رفعهم للأصوات وتسبيحهم ، ويتفطرن فهو : يتصدعن ، وفوقهن فهو : ظهورهن وذراهن ، وهو ما يلي الملائكة صلوات الله عليهم من أعلاهن ، يدل على أن الملائكة عليهمالسلام الصافات صفا ، وأنهم هم الموصوفون بما ذكر من هذه الصفة وصفا ، بقولهم صلوات الله عليهم : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (١٦٦) [الصافات : ١٦٥ ـ ١٦٦].
٢٩٢ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (٥) [النازعات : ١ ـ ٥]؟
فقال : النازعات فيما أرى ـ والله أعلم ـ هي السحائب المنتزعات بالأمطار من البحار والأنهار ، وبما في الأرض من الندوة والبخار (١).
(وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) هو : الماتحات متحا ، وهي الناشطات الماتحات في نزعهن واطلاعهن ، والنشط هو : الإغراق وهو القوة القوية في جبذهن ، واطلاعهن لما يطلعن
__________________
(١) لقد سبق الإمام عليهالسلام نظرية تكوّن الماء من البحار بعملية التبخر التي اكتشفت في القرن العشرين ، سبقها بأكثر من ألف سنة ، فالجديد جدا في القرن العشرين ، قديم جدا عند مفكري وفلاسفة الزيدية.
ولقد تحدث أيضا الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في كتابه البحر الزخار عن كروية الأرض ونظريات أخرى في غاية الأهمية.
قال الإمام المهدي عليهالسلام : مسئلة : والأرض كروية. البحر الزخار ١ / ١٠٣.
وتحدث عن توسع الكون وتوالد النجوم والكواكب ، تلك النظرية التي لم تكشف إلا في أواخر القرن العشرين ، بعد بحوث فضائية مرهقة. فقال : وتقبل الكواكب النماء عندنا. البحر الزخار ١ / ١٠٤.
وتحدث عن نظرية أخرى من أعمق النظريات ، وهي : نظرية حركة أجزاء الذرّة ، النواة والإلكترون والبروتون ، فقال : وإذا تحرك جسم ففي كل جوهر منه حركة. البحر الزخار ١ / ١٠٤.
وعن حركة الكواكب المتعددة في وقت واحد ، كما أثبتها علم الفلك الحديث ، قال : مسئلة : ولا يصح على الكواكب حركتان مختلفتان في وقت واحد ، بل تتحرك نحو المشرق حركة بطيئة ، ويتحرك الفلك إلى المغرب حركة سريعة فيغلبها ، فهي كنملة على شفير رحى دائرة. المصدر السابق ١ / ١٠٤.