يعد ، وكلمات الله سبحانه كما قال لا تنفد بإحصاء ، ولا يؤتى على ما فيها من خفايا العلم باستقصاء ، وقليل علمها فكاف ـ بمنّ الله ـ كثير ، وكلها فضياء ونور وهدى وتبصير (وبعد : فإنا بالله نستعين نعلم بأن غيرنا ممن لعله سيقرأ كتابنا هذا وتفسيرنا ، أن لو لا ما رأينا في الناس ، من الغفلة والحيرة والالتباس ، في معرفة ما جعل الله عزوجل لكتابه من سعة من المخارج ، وأبان به وفيه من جوادّ المناهج ، التي قرب لرحمته سبلها ، وخص بعلم قصدها أهلها ، لما تكلفنا إن شاء الله من ذلك ما تكلفنا ، ولا عنينا فيه بوصف ما وصفنا ، لما ينبغي أن يكون عليه اليوم من اهتدى ، فوهبه الله عصمة ورشدا ، من الشغل بخاصة نفسه ، والوحشة من ثقته وأنسه ، ولكنا أحببنا أن يعلم من جهل ما قلنا من سعة فنون الكتاب المكنون ، لما جعل فيه من العلم لأولي الألباب ، سيوقن أن للكتاب ظهورا وبطونا ، وأن فيه بإذن الله لأولي الألباب علما مكنونا ، لا يظفر أبدا به ، إلا من كان مريدا فيه لربه ، والحمد لله رب العالمين لا شريك له) (١).
تفسير سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
سألت أبي رحمهالله عن قول الله سبحانه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١)؟
فقال : الأحد : هو الواحد.
وعن قوله سبحانه : (الصَّمَدُ) (٢)؟
فقال : الصمد : هو النهاية والمعتمد ، الذي ليس وراءه مصمود ، ولا سواه إله معبود، (لَمْ يَلِدْ) تبارك وتعالى ولدا ؛ فيكون لولده أصلا ومحتدا ، (وَلَمْ يُولَدْ) (٣) فيكون حدثا مولودا ، ويكون والده قبله شيئا موجودا ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤) ، والكفؤ : فهو المثل والنظير ، والأحد : فهو ما قد تقدم فيه (٢) منّا
__________________
(١) سقط من (ب) : ما بين القوسين.
(٢) في (أ) : به.