تفسير سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته أيضا رحمة الله عليه عن قول الله سبحانه : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) (٢)؟
فقال : تأويل جاء : هو (١) أتى ، وتأويل النصر : هو ما يفعل من الظهور والقهر ، والفتح من الله فهو : حكم الله بالإمضاء ، فيما حكم به وأوجبه من الجزاء ، لمن أحسن بإحسانه ، ومن عصى بعصيانه ، وهو الذي طلب شعيب عليهالسلام ومن آمن معه من الله فقالوا : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) [الأعراف : ٨٩] ، يريدون احكم بيننا وبينهم بالحق يا خير الحاكمين ، فاجزهم جزاءهم ، وعجل إخزاءهم.
وتأويل (وَرَأَيْتَ النَّاسَ) فهو : رؤيتهم يدخلون ، فيما جئت به من الملة والدين. والأفواج من الناس : فهو ما يرى من الجماعات ، التي تأتي من القبائل والنواحي المختلفات ، شبيه بما كان يفد على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من وفود القبائل والبلدان ، من عقيل وتميم وأهل البحرين وعمان ، ومن كل الأمم فقد كان وفد على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقدم ، فآمن بالله جل ثناؤه وبرسوله وأسلم.
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) ، تأويل فسبح : فاخشع واشكر لله حامدا له فيما يرى بعينه ، من إظهار الله له ولدينه ، وصدق وعده في إظهاره على من ناواه ، وما أراه من ذلك بنصره له بكل (٢) من والاه ، في أيام حياته ، وقبل حمام وفاته.
وتأويل (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٣) فأمره بالاستغفار ، إذ تم ما وعده الله من الإظهار ، وتأويل التواب : فهو العوّاد بالرحمة ، وبالنعمة منه بعد النعمة ، وقد ذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما أنزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ
__________________
(١) في (أ) : هي.
(٢) في (أ) : كل.