أمثاله ما يقول الرحمن الرحيم : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) ، يعني : من غير أبرار المتقين ، وهم الفجرة الظلمة المنافقون ، (الَّذِينَ هُمْ) كما قال الله سبحانه : (عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ، والساهون : فهم الذين هم (١) عن صلاتهم ووقتها لاهون ، ليس لهم عليها إقبال ، ولا لهم بحدود تأديتها اشتغال ، فنفوسهم عن ذكر الله بها ساهية ، وقلوبهم بغير ذكر الله فيها لاهية، (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) وهم : المراءون الذي ترى منهم عيانا الصلاة ، وقلوبهم بالسهو والغفلة عن ذكر الله مملاة.
(وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) هو ما جعل الله فيه العون من المرافق كلها ، التي يجب العون فيها لأهلها ، من غير مفروض واجب الزكوات ، وما ليس فيه كثير مئونة من المعونات ، مثل نار تقتبس ، أو رحى أو دلو يلتمس ، وليس في بذله ، إضرار بأهله ، وكل ذلك وما أشبهه ، فماعون يتعاون به ، ويتباذله بينهم المؤمنون ، ومانعوه بمنعه له من طالبه فمانعون ، وهم كلهم بمنعه لغيرهم فذامون.
وما ذكر الله سبحانه من قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) فقول لمن كان قبله ، من ذكره بمنع الماعون ، موصول في الذم والتقبيح ، وما يعرف في التقبيح فصغيره صغيره ، وكبيره كبيره ، وكله عند الله فمسخوط غير رضي ، وخلق دني من أهله غير زكي (٢) ، تجب مباينته ، ولا تحل مقارنته ، إلا لعذر فيه بيّن ، وأمر فيه نيّر ، والحمد لله مقبح القبائح ، والمنان على جميع خلقه بالنصائح ، الذي أمر بالبيان (٣) والإحسان ، ونهى عن التظالم والعدوان (٤).
__________________
(١) سقط من (ب) : هم.
(٢) في (أ) : علي.
(٣) في (أ) : بالثبات.
(٤) قال الإمام زيد بن علي عليهماالسلام : قوله تعالى : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) معناه : يدفعه. ويقال : يتركه ، ويقال : يقهره ويظلمه ، وقوله تعالى : (عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) معناه : عن مواقيتها ، وقوله تعالى : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) معناه : الزكاة المفروضة ، ويقال : وهو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو ، وما أشبه ذلك ، والماعون : الطاعة ، والماعون : العطية والمنفعة ، والماعون : بلسان قريش : المال ، ويقال : الماعون المهنة. تفسير الغريب / ٤٠٩.
وعن علي عليهالسلام ، وابن عباس (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) يريد المنافقين الذين لا يرجون ـ