أطعموا من جوع ، وأومنوا من خوف ، فلم يجوعوا جوع الجائعين ، ولم يخافوا خوف الخائفين، فكلهم يعلم ويقول : إن البيت بيت الله ذي الجلال والإكرام ، لا بيت ما عبدوا دونه من الملائكة والأصنام ، وأن الله سبحانه هو (١) الذي حرّم الحرم ، وجعل له تبارك وتعالى الجلالة والكرم ، لا الملائكة المقربون ، ولا الأصنام التي يعبدون ، فأمرهم جلّ ثناؤه أن يعبدوه وحده ، وأن يوجبوا شكره وحمده ، على ما صنع لهم وأولاهم ، ووهب لهم بحرمة بيته وأعطاهم (٢).
تفسير سورة الفيل
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن قول الله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣)).
معنى (تَرَ) في مخرج التأويل : ليس هو برؤية العين ، ولكنه علم اليقين ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ير ذلك بعينه ، ولكنه رآه بعلمه ويقينه ، وبما ذكر الله جلّ ثناؤه عنه ، وبما وصفه الله به منه ، وسواء قيل : ألم تر ، أو قيل : ألم تعلم ، معناهما واحد في اليقين والعلم.
وتأويل (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) هو كيف صنع ، وأصحاب الفيل : فهم من جاء معه ، أو بعث به وإن تخلف عنه ، فكل من كان للفيل صاحبا ، من بعث وإن لم يصحبه ومن كان له مصاحبا.
__________________
(١) سقط من (أ) : هو.
(٢) قال الإمام زيد عليهالسلام : قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) معناه : نعمتي على قريش ، وقوله تعالى : (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) كانت لقريش رحلتان رحلة الشتاء إلى الحبشة ، ورحلة الصيف إلى الشام للتجارة ، وقوله تعالى: (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أي من الجذام ، ويقال : من أن يعيروا في حرمهم. غريب القرآن / ٤٠٨.
وقال الطبرسي في مجمع البيان ١٠ / ٥٤٥ : رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وقال الفراء في معاني القرآن ٣ / ٢٩٤ : رحلة الشتاء إلى الشام ، ورحلة الصيف إلى اليمن.