واسطة الأبواب ، وإن كان غير ذلك فإنما يغلق جانبه من كل باب ، فأما المهج والرصد فيغلق الباب كله ، ويستقصى في الغلق آخره وأوله ، ولا سيما إذا كان ممتدا ثابتا ، مهجا كان أو رصدا ، فأبواب جهنم وأغلاقها كلها ، كالمقامع التي ذكر الله من الحديد لا تبيد ، كما مقامع أهلها فيها إذا أرادوا أن يخرجوا منها حديد ، كما قال سبحانه : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١)) [الحج : ٢١] (١) ، ألا فسبحان من جمع في جهنم ما جمع من أنواع الخزي والضيق للظلمة الملحدين!! فقيل في يوم البعث لهم جميعا : (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ) [غافر : ٧٦].
تفسير سورة العصر
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته عن قول الله سبحانه : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢))؟
فالعصر : قد يكون من آخر النهار ، ويكون الدهر ، فأشبه ذلك ـ والله أعلم بالتأويل ، وما يصح فيه من الأقاويل ـ أن يكون العصر الذي بعد الظهر ، لا العصر الذي من الدهر ، وإن كان كل ذلك وقتا ، وكان ذلك لكلا الوقتين نعتا ، كان أفضل الأوقات ، ما كان لصلاة من الصلوات ، وكان تأويل القسم به أشبه ، وأفضل وأوجه (٢) ، والله أعلم وأحكم.
وكان تأويل أنه قسم كما أقسم بالفجر ، والليالي العشر ، لفضلهما وقدرهما ، وما ذكر الله من أمرهما.
والعصر والأعصار من النهار ، فهو بعد الظهر والإظهار ، وإذا كان الدهر وقتا
__________________
(١) وقال الإمام زيد عليهالسلام قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) الويل واد في جهنم ، والهمزة : الطعان ، واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس ، وقوله تعالى : (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) معناه : ليرمين به في نار الله الموقدة ، وقوله تعالى : (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) معناه مطبقة ، وقوله تعالى : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) وهو جمع عماد ، يقال: قيود طويلة. غريب القرآن / ٤٠٧.
(٢) في (أ) : أشبه والقدوة وفضله واحد والله أعلم وأحكم.