١. إذا كانت «العبادة» مرادفة ـ في المعنى للخضوع والتذلُّل ، فلا يمكن أن نعتبر أيّ إنسان موحِّداً لله ، لأنّ البشر ـ بفطرته ـ يخضع لمن يتفوَّق عليه ، معنوياً أو مادّيّاً ، كالتلميذ يخضع لأُستاذه ، والولد يخضع لوالديه ، وكلّ محبٍّ لحبيبه.
٢. إنّ القرآن الكريم يأمر الإنسان بأن يتذلَّل لوالديه فيقول :
(وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً). (١)
فإذا كان الخضوع والتذلُّل معناه عبادة مَن تذلَّلتَ له ، فهذا يستلزم الحكم بكفر مَن يبرّ والديه ، كما أنّه يستلزم الحكم بتوحيد مَن يعقّ والديه.
ب : العبادة : نهاية الخضوع
ولمّا أدركوا نقصان تعريف اللغويّين للعبادة حاولوا ترميم هذا النقص وإصلاحه ، فقالوا في تعريفها :
العبادة : نهاية الخضوع بين يدي مَن تُدرك عظمته وكماله.
وهذا التعريف يشترك مع التعريف الأوّل في النقص والإشكال وذلك :
١. لأنّ الله تعالى يأمر الملائكة بالسجود لآدم فيقول :
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ...). (٢)
إنّ السجود هو نهاية التذلُّل والخضوع لمن سجدت له ، فإذا كان معنى العبادة هو نهاية الخضوع فإنّه يستلزم القول بكفر الملائكة الممتثلين لأمر الله بالسجود ، وإيمان الشيطان المخالف لأمر الله بعدم السجود.
٢. إنّ إخوة النبيّ يوسف ووالديه سجدوا جميعاً ليوسف ، كما يقول تعالى :
__________________
(١) الإسراء : ٢٤.
(٢) البقرة : ٣٤.