أبداً ، وإلى ذلك ينظر قوله سبحانه : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً). (١)
كما يشير إليه قول المسيح ـ عليهالسلام ـ : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (٢) إلى غير ذلك من الآيات ، والعبودية بهذا المعنى تستدعي حصر إضافتها بالله سبحانه وتعالى.
ثانياً : تطلق ويراد منها الطاعة أو ما يقاربها ، وقد صرّح بهذا المعنى أصحاب المعاجم اللغوية.
قال في لسان العرب : التعبّد : التنسّك ، العبادة : الطاعة.
وقال في القاموس المحيط : والعبدية والعبودية والعبودة والعبادة : الطاعة.
وعلى هذا الأساس فالمراد من «عبد الرسول وعبد علي و...» هو مطيع الرسول ومطيع عليّ ولا غبار على ذلك ، كيف لا وأنّ الله سبحانه وتعالى أمرنا بطاعتهما (...أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ...). (٣) فعرّف القرآن النبيّ مطاعاً والمسلمين مطيعين ، ولا عتب على الإنسان أن يظهر هذا المعنى في تسمية أولاده ومحبيه.
نعم في حديث أبي هريرة «لا يقل أحدكم لمملوكه عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي» وعلّله ابن الأثير في كتابه «النهاية» بقوله : هذا على نفي الاستكبار عليهم وأن ينسب عبوديتهم إليه ، فإنّ المستحقّ لذلك الله تعالى هو ربّ العباد كلّهم.
والحديث بظاهره يخالف الذكر الحكيم ، كيف لا وهو الذي نسب العبودية إلى الناس الذين يملكونهم ، قال سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ
__________________
(١) مريم : ٩٣.
(٢) مريم : ٣٠.
(٣) النساء : ٥٩.