مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١). ترى أنّه سبحانه ينسب العبودية والإمائية إلى الذين يمتلكونهم ، ولو كان في التعبير شيء من التكبّر للمولى لما استعمل سبحانه هذا التعبير.
ثمّ إنّ أساس الشبهة أنّ المستشكلين لا يفرّقون بين العبودية التكوينية الحقيقية ـ التي لا تنفكّ عن الإنسان منذ بدء وجوده إلى أُخريات أيامه ـ وبين المملوكية العارضة على الإنسان حسب الأحوال والشرائط ، فيصير السيّد عبداً رقّاً ، والعبد الرقّ سيّداً وحاكماً.
هذا هو الفقه الإسلامي يحكم في أسرى الحرب بجواز استرقاقهم رجالاً ونساءً ، قال ابن قدامة في كتابه «المغني» : وإذا أسبى الإمام فهو مخيَّرٌ إن رأى قتلهم ، وإن رأى منّ عليهم وأطلقهم بلا عوض ، وإن رأى أطلقهم على مالٍ يأخذه منهم ، وإن رأى فادى بهم ، وإن رأى استرقّهم.
هذا وفي الكتب الفقهية باب واسع لأحكام العبيد والإماء ، فلهم أحكام خاصّة يقف عليها العارف بالفقه الإسلامي ، فيطلقون كلمة المولى على السيّد الّذي ملكهم بالأسر أو بالشراء ، كما يطلقون كلمة العبد والأمة على الأسرى الذين رأى الحاكم استرقاقهم ، ولم يرَ أحدٌ من الفقهاء في هذه التسمية حرجاً.
وممّا يُقضى منه العجب قول محمّد بن عبد الوهّاب : «إنّ من قال لأحد مولانا أو سيّدنا فهو كافر» (٢) مع أنّ القرآن يطلق كلمة السيّد على غيره ـ سبحانه وتعالى ـ قال : (... مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً ...) (٣) وقال عزوجل : (... وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ ...) (٤) وقال تعالى :
__________________
(١) النور : ٣٢.
(٢) كشف الارتياب للسيد محسن الأمين : نقله عن خلاصة الكلام.
(٣) آل عمران : ٣٩.
(٤) يوسف : ٢٥.