باستثناء الشافعي ـ باستحباب تسنيم القبر. (١)
والذي يؤيد هذا الاحتمال أُمور :
١. أنّ مسلماً أورد في صحيحه حديث أبي الهيّاج وحديثاً آخر ـ سنذكره ـ تحت عنوان : باب الأمر بتسوية القبر ، وكذلك ذكره الترمذي والنسائي في سننهما تحت نفس العنوان ، والمقصود من هذا العنوان هو أن يكون القبر مسطّحاً ومستوياً ، ولو كان المقصود منه تسوية القبر بالأرض لكان المفروض تسمية الباب المذكور ب «باب الأمر بتخريب القبور وهدمها».
وأمّا الحديث الآخر الّذي ذكره مسلم في صحيحه ـ والّذي يحتوي نفس المضمون الّذي اخترناه ـ فهو :
«كُنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الرُّوم ب «رَوْدَس» فتُوفّي صاحب لنا ، فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسُوِّي ثمّ قال : سمعتُ رسول الله يَأمُرُ بتسويَتها». (٢)
٢. ما ذكره العلّامة النووي ـ شارح صحيح مسلم ـ تفسير حديث أبي الهياج لنرى كيف يشرح الحديث ويقول :
«إنّ السنّة أنّ القبر لا يُرفع عن الأرض رفعاً كثيراً ، ولا يُسنَّم ، بل يُرفع نحو شبر ويسطّح». (٣)
يظهر من هذه العبارة أنّ شارح صحيح مسلم قد استنبط نفس المعنى
__________________
(١) نفس المصدر السابق. وفيه : ويُجعل كسنام البعير ، وقال الشافعي : جعل التراب مستوياً مسطّحاً أفضل من تسنيمه.
أقول : فعلى هذا فإنّ حديث أبي الهيّاج لا يُعمل به إلّا في المذهب الشافعي والمذهب الشيعي.
(٢) صحيح مسلم : ٣ / ٦١ ، كتاب الجنائز.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي : ٧ / ٣٦.