تحقيق في معنى الأحاديث
والآن يجب التحقيق والتأمّل في نصوص هذه الأحاديث ، لنقف على مدلولها الصحيح.
قبل كلّ شيء ، يجب أن نعلم ـ كأصلٍ عام ـ أنّه كما تكون آية قرآنية مفسِّرة لآية أُخرى ، كذلك الأحاديث يكون أحدها مفسِّراً للآخر وموضّحاً وكاشفاً عن غموضه.
لقد تمسّك الوهّابيّون بظاهر حديثٍ واحد ، واستنتجوا منه حرمة بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها ، في حين أنّهم لو كانوا يصهرون الأحاديث كلّها في بوتقة واحدة ، لكانوا يفهمون ما عناه الرسول الأكرم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
هؤلاء أغلقوا على أنفسهم باب الاجتهاد ، ممّا أدّى بهم إلى تفسير كثير من الأحاديث تفسيراً خاطئاً.
أقول : إنّ ما تمسّك الوهّابيّون به ـ على حرمة بناء المسجد عند القبر ـ من أحاديث إنّما يكون مقبولاً إذا كانت أسناده صحيحة ورواتها ثقاتاً ، وإلّا فلا تصلح تلك الأحاديث للاستدلال أبداً.
وبما أنّ التحدّث عن أسناد كلّ هذه الأحاديث يؤدّي إلى إطالة الكلام ، لهذا نختصر الحديث عمّا تضمّنته تلك الأحاديث فنقول :
أمّا الحديث الأوّل وهو : «لمّا مات الحسن بن الحسن ضربتْ امرأته القبَّة على قبره ...» إلى آخره ، فهو نقيضٌ لمذهب الوهّابيّين ، إذ أنّه دليل على جواز نصب المظلَّة والقبَّة على القبر ، والوهّابيّون يُحرّمون مطلق الظِّلال ، سواء كان مظلّة أو قُبَّة وبناء.
فهذا الحديث يدلّ على جواز نصب المظلَّة وإقامة القبّة على القبر ، ولو كان