ذلك حراماً لما صدر من امرأة الحسن بن الحسن ، لأنّه كان بمرأى ومسمع من التابعين وفقهاء المدينة.
ولعلَّها نصبت تلك القبَّة لأجل زيارة القبر وتلاوة القرآن عنده ، وقاية من الحرّ والبرد وغيرهما.
وأمّا قول الراوي : «فسمعوا صائحاً يقول ...» فهو أشبه بقول غير الصالح ، لأنّه نوع من الشماتة ـ والشماتة ليست من أخلاق الصالحين ـ ومثله في ذلك ما أجابه الصائح المزعوم الآخر.
إنّ إقامة تلك المرأة على قبر زوجها الفقيد لم يكن على أمل عودته إلى الحياة ، حتّى يقال : إنّها يئست ، بل كان لتلاوة القرآن وغيره.
والخلاصة : إنّ قول ذلك الصائح المزعوم وجواب الآخر ليس حجّة شرعية ، إذ ليس من كتاب الله ولا من السنّة الشريفة ولا هو كلام معصوم.
وأمّا بالنسبة إلى الأحاديث الّتي تلعن اليهود والنصارى وتُحذّر المسلمين من التشبّه بهم ، فنقول :
إنّ التعرّف على مغزى هذه الأحاديث يتوقّف على معرفة ما كان يقوم به اليهود والنصارى عند قبور أنبيائهم ، ذلك لأنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إنّما نهى عن القيام بما كان يقوم به اليهود والنصارى ، فإذا عرفنا عملهم ، عرفنا ـ بالتَّبع ـ الحرام المنهيّ عنه.
أقول : إنّ هنا قرائن شاهدة على أنّ اليهود والنصارى كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم قبلةً لهم تصرفهم عن التوجّه إلى القبلة الواجبة ، وأكثر من ذلك ... كانوا يعبدون أنبياءهم بجوار قبورهم بدل أن يعبدوا الله الواحد القهار ، أو كانوا يجعلون أنبياءهم شركاء مع الله سبحانه في العبادة.