الخامسة : قيل : لا يجوز أن يكون لمعلول بسيط علّة مركّبة ، إذ لو كان كذلك لكان إمّا أن يكون كل واحد من أجزائها مستقلّا بالتأثير أولا ، والأوّل محال وإلّا لاجتمع على الواحد الشخصي علّتان تامّتان ، وهو باطل كما يجيء وكذا الثاني ، لأنّه إذا (١) لم يكن كل واحد مستقلّا فإمّا أن يكون البعض مستقلّا ، وهو باطل وإلّا لكان ما عداه حشوا لا حاجة إليه فلا يسند التأثير إلى الكلّ من حيث هو كلّ ، هذا خلف.
أو لا يكون شيء من أجزائها مستقلّا فلا يخلو إمّا أن يكون لكلّ واحد منها تأثير في شيء من (٢) ذات المعلول بحيث يحصل من اجتماعها ذلك المعلول بتمامه أو لا يكون ، وعلى الأوّل يكون المعلول مركّبا ، والفرض خلافه ، وعلى الثاني لا يخلو إمّا أن يلزم بعض أجزاء المعلول عن بعض أجزاء العلّة ويلزم ما ذكرناه الآن ، وإمّا أن لا يلزم المعلول ولا بعضه عن شيء من أجزائها ، وحينئذ إمّا أن يحصل عند الاجتماع أمر زائد لم يكن عند الانفراد يكون هو العلّة لوجود ذلك البسيط ، وحينئذ لا تكون تلك العلّة المركّبة علّة بل علّة العلّة ، والكلام إنّما هو في العلّة القريبة.
وأيضا ذلك الزائد إمّا عدمي أو وجودي ، والأوّل باطل ، لأنّ العدمي لا يستقل بالتأثير في الوجودي ، والفرض استقلاله ، هذا خلف ، والثاني إمّا أن يكون بسيطا أو مركّبا ، وكلاهما يلزم منه التسلسل ، أمّا على تقدير البساطة فلأنّ الكلام يعود في كيفية صدور ذلك البسيط عنه (٣) ، وأمّا على تقدير التركيب فلأنّا نعود بالكلام في كيفية صدور ذلك البسيط عنه. أولا (٤) يحصل عند الاجتماع زائد ، وحينئذ يكون الكلّ غير مؤثّر كما كان كلّ واحد كذلك.
وفيه نظر : أمّا تفصيلا فلأنّ قوله : إمّا أن لا يلزم المعلول ... إلى آخره ، نختار أنّه
__________________
(١) إذ ـ خ : (د).
(٢) في ذات ـ خ : (آ).
(٣) صدوره عن ذلك المركّب ـ خ : (آ).
(٤) عطف على قوله فيما تقدّم : إما أن يحصل عند الاجتماع أمر زائد ...