لنفي (١) الإضافات خارجا وإلّا لزم التسلسل ، إذ لا بدّ لها حينئذ من إضافة إلى محلّها ، وننقل الكلام ويلزم ما قلناه.
البحث الثاني : في المجرّدات ، وهي قسمان :
الأوّل : العقول العشرة واستدلّوا على إثباتها بأنّ الصادر الأوّل عن الواجب يجب أن يكون واحدا ، لما تقدّم ، وحينئذ إمّا أن يكون جسما أو مادة أو صورة أو نفسا أو عرضا أو عقلا ، والكلّ باطل إلّا الأخير.
أمّا الجسم فلأنّه مركّب من المادّة والصورة ، وهو حينئذ متكثّر.
وأمّا المادة فلأنّ الصادر الأوّل يجب أن يكون فاعلا لما بعده ، ولا شيء من المادة بفاعل ، لأنّها قابلة ، ولا تكون فاعلة ، لأنّ نسبة القبول نسبة الإمكان ، ونسبة الفعل نسبة الوجوب ، ويستحيل أن تكون نسبة الشيء الواحد إلى الواحد نسبة إمكان ووجوب.
وأمّا الصورة فلأنّها مفتقرة (٢) في فاعليتها وتأثيرها إلى المادة ، لأنّها إنّما تؤثّر إذا كانت مشخّصة ، وإنّما يكون كذلك بالمادة ، فلو كانت هي الصادر الأوّل لكانت واحدة مستغنية عن المادة ، وهو باطل.
وأمّا النفس فلأنّها تعقل (٣) بواسطة البدن فلو كانت هي الصادر لوجب كونها علّة لما بعدها ، فتكون مستغنية عن البدن فتكون عقلا لا نفسا ، وهو باطل.
وأمّا العرض فلأنّه محتاج في وجوده إلى الجوهر ، فلو كان هو الصادر الأوّل مع وجوب كونه علّة لما بعده لكان السابق مشروطا باللاحق ، وهو باطل أيضا ، فلم يبق إلّا الأخير.
وقد عرفت ضعف ما تبنى عليه هذه الحجّة (٤)
__________________
(١) كنفي ـ خ : (آ).
(٢) تفتقر ـ خ : (آ).
(٣) فلأنّها إنّما تفعل ـ خ : (آ).
(٤) انظر ص ١٠٦ ـ ١٠٨ من الكتاب.