فأجاب (١) الأوّلون بأنّ هذه عوارض مفارقة غير لازمة ، فاختلافها لا يقتضي اختلاف معروضاتها.
الثانية : مذهب محقّقهم أرسطو : أنّ النفوس حادثة ، وقال أفلاطون بقدمها.
احتجّ الأوّل بأنّها لو كانت أزلية لكانت إمّا واحدة أو كثيرة ، فإن كان الأوّل فإمّا أن يبقى كذلك مهما لا يزال (٢) وهو باطل ، وإلّا لكانت نفس زيد هي نفس عمرو ، فما علمه أحدهما يعلمه الآخر (٣) هذا خلف ، أو لا يبقى كذلك فيلزم انقسامها ، ولا شيء من المجرد بمنقسم ، وإن كان الثاني فباطل أيضا ، لأن التكثّر (٤) حينئذ ليس للذات ، لما ثبت من وحدتها بالنوع ، ولا للوازم كذلك أيضا (٥) ولا للعوارض ، لأنّ ذلك إنّما يكون عند تغاير المواد ، ولأنّ نسبة العارض إلى المثلين واحدة ، لكن مادّة النفس البدن ، لاستحالة الانطباع عليها ، وقيل : البدن لا مادة وإلّا لزم التناسخ ، وهو محال.
وأمّا الثاني : فلم أظفر له بدليل خاص غير الأدلّة العامة (٦) لهم على قدم العالم ، وذكر بعض من تابعه في مقالته من المتأخّرين دليلا تقريره :
لو كانت حادثة لكانت علّتها التامة إمّا موجودة قبل حدوثها ، وهو محال ، لاستحالة تخلّف المعلول عن العلّة التامة ، أو لا يكون كذلك وهو يقتضي أن تكون علّتها مركّبة ، إذ لو كانت بسيطة لكانت لها علّة حادثة وبسيطة ، لاستحالة صدور الحادث عن القديم والبسيط عن المركّب ، ويكون الكلام في علتها كالكلام فيها ، وهلمّ جرّا فإذا كانت علتها مركبة ، وكلّ ما علته مركبة فهو مركّب ، فتكون النفس مركّبة ، وقد برهن على أنّها بسيطة ، هذا خلف.
__________________
(١) وأجاب ـ خ : (آ).
(٢) فيما يزال ـ خ : (آ).
(٣) فما علم أحدهما فعلم الآخر ـ خ : (د).
(٤) الكثرة ـ خ : (آ).
(٥) أيضا ـ خ : (د).
(٦) لهم ـ خ : (آ).