مقدمة التحقيق
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وله الحمد والمجد وصلّى الله على رسوله وخاتم أنبيائه وآله الطاهرين المعصومين واللعن على أعدائهم أجمعين.
قال الله تعالى في كتابه الكريم : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً) (١) وقد خاطب الله تعالى نبيّه العظيم ونهاه أن لا يطيع الكافرين فيما يقولون ويدعونه إليه من المداهنة والإجابة إلى ما يريدون ، لأنّ إطاعتهم تبطل الدين وتمحق الشرع وتنسف الناموس المضروب بالإسلام للهداية العامّة للبشر.
(وَجاهِدْهُمْ) في الله ، والمجاهدة : بذل الجهد والطاقة في مدافعة العدو الغاشم وضمير (بِهِ) يرجع للقرآن الكريم ، أي جاهد الكفار بالقرآن بتلاوة آياته عليهم وبيان حقائقه لهم وإتمام حججه عليهم ، ببيان الدلائل العقلية والبراهين الساطعة وبقطع أعذارهم الواهية.
(جِهاداً كَبِيراً) أي تامّا شديدا ، فإنّ الجهاد ببيان الأدلّة والبراهين القطعية والحجج المنطقية فيه من المشقّات الكادحة التي لا يستهان بها ، وكفاح كبير في سبيل بثّ الدعوة الحقّة وتبليغ الرسالة الإلهية التي هي من وظيفة الأنبياء ثمّ الأئمّة والأوصياء وبعدهم من وظائف
__________________
(١) الفرقان ٢٥ : ٥٢.