لا يصل إلى البدن إلّا بعد اعتداله المتوقّف على بعده عن المنافي.
واعلم أنّ الضرورة قاضية بوجوب حصول مقتضيات هذه الإدراكات عند حصول شرائطها ، والمانع مكابر لمقتضى عقله.
والثاني (١) : أيضا أقسام :
الأوّل : الكون وهو الحصول في الحيّز. إمّا حركة وهو حصول الجسم في حيّز بعد أن كان في آخر ، وقال الحكماء : كمال أوّل لما بالقوة من حيث هو بالقوة ، وهي متوقّفة على أمور ستة :
ما منه أعني مبدأها وما إليه أعني منتهاها وما به الحركة أعني العلّة الفاعلية ، وما له الحركة أعني العلّة الغائية وما فيه وهو المقولة التي يتحرّك الجسم فيها من نوع إلى آخر ، وهي أربع الكمّ : إمّا بتخلخل (٢) أو تكاثف أو ذبول (٣) كالضابئ أو نموّ ، كحركة أجزاء المغتذي في جميع الأقطار (٤) على تناسب ، والكيف كالانتقال من الخضرة إلى الحمرة أو البياض ، والأين والوضع ، والسادس (٥) المقدار وهو الزمان.
وإمّا سكون أعني حفظ النسب الحاصلة بين الأجسام الثابتة على حالها ، وهو معنى قولهم : إنّه حصول الجسم في مكان أكثر من زمان ، هذا في الأين وفي غيره حفظ النوع الذي وقع فيه.
وقال الحكماء : هو عدم الحركة عمّا من شأنه (٦) ، فهو عدم ملكة وعلى
__________________
(١) أي العرض غير المختصّ بالأحياء.
(٢) التخلخل هو أن يزيد مقدار الجسم من غير أن ينضمّ إليه غيره ، كما في هواء باطن القارورة عند مصّها. والتكاثف هو أن ينتقص مقدار الجسم من غير أن ينفصل منه جزء كما في هواء باطن القارورة عند النفح فيها. (٣) هو انتقاص حجم الجسم بسبب ما ينتقص منه في الطول والعرض والعمق على نسبة طبيعية. والضابئ : الرماد.
(٤) الطول والعرض والعمق.
(٥) هذا راجع إلى الأمور الستة وهو تمامها.
(٦) بقيد عمّا من شأنه يخرج عدم حركة الأعراض والمفارقات والاجسام في آن ابتداء الحركة أو انتهائها بل في كلّ آن.