ساكن ، وهو ظاهر ، وكلاهما محال.
أمّا الأوّل ، فلأنّ الأزل عبارة عن نفي المسبوقية بالغير وكلّ متحرك مسبوق بالغير ؛ لما علم من تعريف الحركة.
__________________
ـ الانحلال وعدم النظم والترتيب ، حتّى يأتي يوم تكون الحرارة في جميع الأجسام متساوية لا مزيّة فيها لجسم على آخر ، ووصل من هذا البحث العلمي إلى النتيجة المطلوبة ، وهي القول بأنّ العالم لا بدّ له من ابتداء ، ثمّ بحث في الحرارة واعتقد أنّ من جميع التغييرات التي تتولد في الحرارة يتبدل قسم من القوة التي تستفاد منها إلى القوة التي لا تكون قابلا للاستفادة ولا تتبدّل القوة التي لا يستفاد منها إلى القوة التي يستفاد منها. وهذا هو القانون الثاني يقال له : ترموديناميك (SClMANYDOMREHT).
وفهم بعض الفلاسفة أنّ القانون الثاني «الحرارة والحركة» حالة مخصوصة من أصل كلّي واحد ويثبت أنّ في جميع النقل والانتقالات قسمة من النظم والترتيب تضمحل وتذهب من البين ، وفي مورد الحرارة من تبديل القوة القابلة للاستفادة إلى القوة غير القابلة للاستفادة ، يذهب النظم والترتيب من كل الذرات في البين ويتلاشى طرح الخلقة أصلا وأساسا.
فعلى هذا نقول : إنّ بحسب القانون الثاني «ترموديناميك» يعني قانون الحرارة والحركة الذي يسمّى «انتروپى» (YPORTNE) تجري الحرارة من الأجسام الحارة إلى طرف الأجسام الباردة ، وهذا الجريان لا يمكن أن يجري بنفسه معكوسا ففي الحقيقة أنّ «انتروپى» نسبة قوة غير قابلة للاستفادة إلى قوة قابلة للاستفادة وقد تحقق بلا ريب أنّ «انتروپى» يتزايد دائما على التدريج فإن كان العالم أزليا ولم يكن له ابتداء فكان لا بدّ من مدى بعيد الحرارة في الأجسام متساوية ولم يكن قوة قابلة للاستفادة باقية. وفي نتيجة ذلك لا بدّ وأن لا يوجد فعل وانفعال كيمياوي أصلا وكانت الحياة في سطح الأرض غير ممكنة ، ولكنا نشاهد بالعيان أنّ الفعل والانفعالات الكيمياوية موجودة والحياة في سطح الأرض دائمة وتتجلّى في الكون على الدوام. والحاصل أنّ جميع الأجسام في العالم تتنزل وتصل إلى درجة نازلة دانية ، ولا يوجد فيها قوة قابلة للمصرف ولا يمكن فيها التعيش والحياة ، فإن لم يكن للعالم ابتداء وإنّه كان موجودا أزلا فكان لا بدّ وأن تكون هذه الشمس الطالعة خامدة قبل زماننا بالسنين المتمادية ، والشمس والموجودات الكائنة في منظومتها ومنها الأرض وسكّانها في حالة منكسرة ، وأن لا يوجد عنصر «راديو آكتيو» أصلا ، فهذا القانون المسلّم العلمي يبطل القول بأنّ العالم أزلي ، بل هو دليل من أبرز الدلائل على إثبات الصانع للعالم وتوحيده ، لأنّا إذا قلنا : إنّ العالم وهذا الترتيب الموجود فيه له ابتداء ولكن لا خالق له ولا صانع ، فلا بدّ أن نقول : إنّ المادة بنفسها وجدت من العدم وبعد الوجود أثبت لنفسها بنفسها هذا النظم والترتيب والمحاسبة والحدود ، وأوجد لنفسها قوانين ثابتة لا تتغير فهل يقبل عاقل صاحب فهم وشعور هذا الرأي السخيف والقول المزيّف غير المعقول؟ بل لا يعبأ به أصلا.