العاشر : في نفي التحيّز عنه ولواحقه ، وفيه مسائل.
الأوّل : أنّه ليس له مكان وإلّا لافتقر إليه ؛ لأنّ كلّ ذي مكان فله امتداد وبعد وأقطار متناهية ، وكلّ ما كان كذلك يستحيل (١) استغناؤه عن المكان والافتقار عليه تعالى محال ، ومن هنا يعلم أنّه ليس في جهة فوق ، خلافا للكرامية واحتجاجهم بأنّه أشرف الذوات ، والفوق أشرف الجهات ، فناسب الأشرف الأشرف ، وبرفع الأيدي حال الدعاء ضعيف ، لأنّ أشرفية الجهات (٢) كلام خطابي بل شعري فلا يفيد علما ، مع أنّه يلزم منه مخالفة المقصود ؛ إذ الفوقية أمر إضافي مختلف باختلاف المضاف إليه ، ومع كون الأرض كرة لا يتحقّق ما ذكروه ، لأنّ الفوق يقوم تحت الآخرين (٣) ورفع الأيدي ليس فيه دلالة ، وإلّا لكان السجود دليلا على تحتيّته ، وهو باطل ، بل هو كناية عن الطلب. (٤)
__________________
ـ إلّا في العين الذي ادّعاه الفلاسفة ، فالإجماع حاصل ونفي الألم عنه تعالى لا يحتاج إلى بيان ، لأنّ الألم إدراك مناف ، ولا منافي له تعالى ، انتهى.
كذا في نقد المحصّل أو تلخيص المحصّل المطبوع بمصر في السنة المذكورة ، والعبارة لا تخلو من غلط ، والعبارة المنقولة عن نقد المحصّل في هامش النسخة النفيسة المخطوطة من أنوار الملكوت كما يلي : قال أفضل المحقّقين قدسسره في نقده : والتمسّك بالإجماع إنّما يفيد عدم إطلاق لفظي : اللذة والألم وما يشتقّ منهما عليه ، لأنّ كلّ ما لا يقارنه الإذن الشرعي لا يوصف هو به. أمّا المعنى الذي أثبته الفلاسفة فالإجماع لا ينعقد عليه ونفى الألم عنه تعالى فتدبّر.
(١) استحيل ـ خ : (آ).
(٢) الجهة ـ خ : (د).
(٣) آخرين ـ خ : (آ).
(٤) رفع الأيدي في الدعاء من باب التذلّل إلى الله تعالى والخضوع له وكسر صولة التكبر ، ألا ترى أنّ السائل الذليل يرفع يديه بين يدي الإنسان الغني حين يسأل عنه ، فمن أحقّ برفع يدي التذلّل بين يديه من الله تعالى الغني بالذات. ألا ترى أنّ المتكبرين لا يرفعون أيديهم إلى الدعاء. وروى الشيخ الصدوق (ره) في كتاب التوحيد في باب الردّ على الثنوية والزنادقة ، بإسناده عن هشام بن الحكم المتكلّم الكبير رحمهالله ، عن الإمام الصادق سلام الله عليه في حديث طويل ما هذا لفظه : قال السائل : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ـ