وهذا في غاية السخافة لمنع رؤية الجسم ، بل العرض كما تقدم ، وبمنع (١) تعليل كل حكم ، ويمنع (٢) كون كل حكم مشترك معلّلا بمشترك ، ولمنع (٣) الحصر في الاثنين ، لحصول الإمكان أو لكون أحدهما علّة بشرط الآخر ، وبمنع مساواة وجوده تعالى لوجودهما ، ويلزمهم رؤية كل موجود (٤) حتّى الروائح وغيرها ، وجواز كونها ملموسا لانصباب دليلهم عليه ، وهو محال.
الثاني عشر : في تأويل (٥) آيات احتجّ بها من قال بخلاف ما ذكرناه من المجسّمة والمشبّهة وغيرهم ، ولا بدّ من تقرير مقدّمة قبل الخوض في المقصود فنقول : يجب تأويل ما ورد ممّا ظاهره التشبيه لوجوه :
الأوّل : ما تقدّم من أنّه إذا تعارض العقل والنقل وجب تأويل النقل ، وإلّا لزم اطّراح العقل ، فيطرح النقل أيضا لاطّراح أصله.
الثاني : أنّه ورد في الكتاب العزيز أشياء وقع الإجماع على وجوب تأويلها ، ودعت الضرورة إلى ذلك ، وذلك آيات :
الأولى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦) وكل عاقل يعلم بالبديهة أنّ إله العالم ليس هو الشيء المنبسط على الجدران والحيطان ، ولا هو الفائض من جرم (٧) الشمس والقمر ، فلا بدّ من تأويله بأنّه منوّر السموات والأرض أو هاد لأهلها أو مصلحها (٨).
__________________
(١) لمنع ـ خ : (آ).
(٢) نمنع ـ خ : (آ).
(٣) بمنع ـ خ : (آ).
(٤) ويلزم رؤية كل جسم موجود ـ خ : (آ).
(٥) تأويلات ـ خ : (آ).
(٦) النور ٢٤ : ٣٥.
(٧) من نور جرم ـ خ : (آ).
(٨) أو هاد لأهلهما أو مصلحهما ـ خ : (آ) وهذا المعنى هو المروي عن مولانا الرضا سلام الله عليه ، رواه الشيخ الصدوق رحمهالله في كتاب التوحيد بإسناده عن العباس بن هلال ، قال سألت الرضا عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فقال : هاد لأهل السموات وهاد لأهل الأرض ، وفي توجيه إضافة ـ