كلّ جسم مركّب ومحتاج إلى أجزائه (١). إلى غير ذلك من الآيات ، وإذا وجب تأويل أمثال ذلك وجب تأويل غيرها من المتشابهات ، لئلا يتناقض كلامه سبحانه ، وهو المطلوب.
إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ الآيات المتأوّلة أنواع.
[النوع] الأوّل : ما فيه إشعار بالجسمية ، وهو أقسام.
الأوّل : ما يدلّ على الوجه وهو قسمان :
الأوّل : قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (٢) أضاف الوجه إلى نفسه ، وإضافة الشيء إلى نفسه محال ، فيكون جزؤه ، وكذا قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٣) وقوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٤).
الثاني : قوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) (٥) وكذا (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى)(٦) وغير ذلك.
والجواب عن الأوّل : ليس المراد بالوجه العضو ، وإلّا لزم أن يفنى جميع الجسد ويبقى الوجه ، بل (٧) ظاهره أنّه الموصوف بالجلال والإكرام ولهذا قرئ برفع (ذو) ولا شكّ أنّ الموصوف بالجلال والإكرام هو الله ، فيكون كناية عن الذات ، وكذا الكلام في قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ) إلى آخره.
وأمّا (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) فلو كان المراد العضو لزم حصوله في جميع جوانب العالم ، ومعلوم بالحسّ خلافه ، وإلّا لزم حصول الجسم الواحد في أماكن كثيرة ، فيكون المراد
__________________
(١) جزئه ـ خ : (د).
(٢) الرحمن ٥٥ : ٢٧.
(٣) القصص ٢٨ : ٨٨.
(٤) البقرة ٢ : ١١٥.
(٥) الانسان ٧٦ : ٩.
(٦) الليل ٩٢ : ٢٠.
(٧) بل ـ خ : (د).