واستدلّ أيضا على المطلوب ، بأنّه لولاه لزم عدم الوثوق بالوعد والوعيد ؛ لجواز الكذب حينئذ على الشارع ، ولجاز تعذيب المؤمن وإثابة الكافر ؛ إذ لا حاكم على الفاعل بالقبح ، ولجاز أيضا إظهار المعجزة على يد الكاذب (١).
واحتجاج الأشعري بأنّه لو كان كما قلتم لما صدر القبيح من الشارع الممتنع القبيح عليه عندكم ، لكنّه صدر منه تكليف ما لا يطاق كتكليف الكافر المعلوم عدم الإيمان منه له تعالى ، المستلزم لمحاليته وإلّا لزم انقلاب علمه جهلا. وبأنّ الكذب قد يحسن حال اشتماله على تخليص نبي أو وليّ ، باطل.
أمّا الاوّل فلمنع عدم الطاقة على الإيمان ؛ لأنّه ممكن في نفسه ، والكافر قادر عالم بقدرته ، فكان تكليفا بما يطاق ، ونمنع تأثير العلم بل هو مطابق له فقط.
وأمّا الثاني ، فلمنع زوال القبيح عن الكذب ؛ وإنّما جاز لأنّ قبحه أضعف من قبح إيقاع النبي في الضرر ، فارتكب أضعف القبيحين للضرورة.
سلّمنا ، لكن لحوق القبح للكذب مبدؤه (٢) الاستيجاب ، فهو مشروط بعدم المانع ، فيختلف (٣) الأثر عن المؤثّر عند وجود المانع ، والمانع هنا اشتماله على المفسدة فتخلّف القبيح.
سلّمنا ، لكن نمنع (٤) زوال القبح بل الواجب حينئذ التعريض ، فإنّ في المعاريض مندوحة.
المقصد (٥) الثاني : في الفاعل
لا خلاف في أنّ ما لا يتعلّق به قصودنا ودواعينا ولا يحصل عند إرادتنا ولا ينتفي عند
__________________
(١) الكذاب ـ خ : (آ).
(٢) من مبدئه ـ خ : (د).
(٣) فتخلف ـ خ : (آ).
(٤) يمنع ـ خ : (د).
(٥) الفصل ـ خ : (د) وما في ـ خ : (آ) هو الصحيح.