لانتفاء المقدّم بانتفاء التالي (١).
وجواب الأوّل تقدّم. وأمّا الثاني ؛ فلأنّ المغلوبية إنّما تلزم أن لو أرادها مطلقا ، بل أرادها اختيارا ليستحقّ بها الثواب. وأمّا الثالث ؛ فلأنّ المراد (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) على سبيل الإلجاء والجبر ، وحينئذ لا يلزم انتفاء المقدم بانتفاء التالي.
الثالث : انتفاء الغرض عن أفعاله فإنّه يستلزم العبث المنافي لحكمته وإنّه لا يفعل إلّا للداعي.
ومنع الأشاعرة من ذلك ؛ لأنّه لو فعل لغرض فإن لم يكن أولى به فلا ترجيح وإن كان أولى به كان ناقصا بذاته مستكملا بالغرض ، ولقدرته على إيجاد الغرض ابتداء ، فتوسط الفعل عبث.
والجواب عن الأوّل : إن عنيت بالأولوية كونها أليق بحكمته فلم قلت باستلزامه النقصان لذاته واستكماله به؟ وإن عنيت استفادته لكمال غير حاصل فهو ممنوع.
وعن الثاني : أنّ الغرض هو الغاية من الفعل ، وإيجاد الغاية من دون ما هي غاية له وشرط فيه محال (٢). هذا مع أنّ النقل صريح بكونه لا يفعل إلّا لغرض كقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٣).
المقصد الرابع : فيما تقتضي الحكمة وجوبه عليه سبحانه
وهو أنواع :
الأوّل : التكليف وفيه مباحث :
__________________
(١) الثاني ـ خ : (د).
(٢) أي عدم القدرة على إيجاد الغرض قبل الغرض.
(٣) الذاريات ٥١ : ٥٦.