الأوّل : ما كان صادرا منّا إمّا بأمره تعالى كالهدى أو ندبه كالأضحية أو إباحته كالذبح للأكل ، والعوض في هذه عليه تعالى ؛ لما ذكرناه من العلة إذ كان يمكن عدمها.
وأمّا ما صدر عنا بالاستحقاق والدفع فلا عوض فيه ، وما كان بمجرى العادة كالإلقاء في النار المحرقة فالعوض علينا ؛ لقصدنا الإيلام والنار كالآلة إن قلنا بفعلها طبعا ، وكذا إن قلنا : إنّه تعالى هو المحرق بالعادة فلأنّ إجراء العادة حكمة لا يجوز نقضها مطلقا بل لتصديق نبي أو ولي.
الثاني : ما يكون صادرا منه تعالى فما كان بالاستحقاق ، فلا عوض فيه وما كان مبتدأ فعليه عوضه زائدا إلى حدّ الرضى عند كلّ عاقل ، بحيث لو خيّر بينه مع الألم وبين عدم الألم والعوض لاختار الأوّل ، وهذا هو وجه حسنه لكن مع اللطفية إمّا للمتألّم أو لغيره؛ إذ لو لا هما لزم الظلم بعدم العوض والعبث بعدم اللطفية ، واكتفى أبو علي بالأوّل وعبّاد بالثاني.
الرابعة : يجب عليه الانتصاف للمظلوم من ظالمه بأخذ المنافع المستحقّة له أمّا عليه تعالى وعلى غيره وإيصالها إلى المظلوم ؛ لأنّه بتمكينه من الظلم وعدم منعه بالجبر لو لم ينتصف له مع قدرته على ذلك لزم ضياع حقّه ، وهو قبيح عقلا.
وهل يجوز تمكينه ولا عوض له في الحال يوازي ظلمه؟ جوّزه البلخي وأبو هاشم لوقوعه كما في الملوك الظلمة الذين يصدر عنهم آلام عظيمة ويستبعد حصول مساويها لهم ، لكن جوّز البلخي خروجهم من الدنيا من غير عوض لهم ؛ لجواز التفضّل عليهم في الآخرة ، وأوجب أبو هاشم التبقية حتّى يكتسبوا ؛ لأنّ التفضّل جائز فلا يعلّق الواجب به ، ومنع السيّد (ره) من تمكين من هذا حاله ؛ لأنّ التفضّل والتبقية جائزان فلا يعلّق بهما الواجب ، وما استبعداه ممنوع ؛ إذ من الجائز أن يكون للظالم أعواض عليه تعالى توازي ظلمه ، وهي معلومة الحصول له تعالى فجاز تمكينه. وفيه أيضا نظر.
الخامسة : في أحكام العوض.
الأوّل : الحقّ أنّه لا يجب دوامه ؛ لأنّه انّما حسن لاشتماله على نفع زائد على الألم