وفيه نظر ؛ لأنّه قياس غير تامّ فإنّ الشارع منع الصبي لمصلحة شرعية حتّى أنّه لو لا منع الشرع يجوز (١) بالصبي ذي الديانة التصرّف في ماله ، فعلى قولنا : يجوز أن يهب ما يستحقّه عليه تعالى لغيرنا لانتفاعه به فإنّه إحسان إليه.
النوع الرابع : الثواب وكذا العقاب عند الوعيد به (٢) ، وسيأتي تفصيل ذلك.
النوع الخامس : فعل الأصلح كما إذا علم الله انتفاع زيد بإيجاد قدر من المال له أو انتفاء ضرر به في الدين والدنيا عنه وعن غيره من المكلّفين ، أوجبه البلخي وهو مذهب البغداديين وجماعة من البصريين ؛ لأنّ له داعيا إليه وهو كونه إحسانا خاليا عن جهات المفسدة ؛ لأنّه الغرض ، ولا مانع له إذ الغرض خلوه عن المفاسد فيجب فعله.
ومنعه الجبائيان وإلّا لأدّى إلى ما لا نهاية له ؛ إذ ما من أصلح إلّا وفوقه مرتبة أخرى خالية عن المفسدة أيضا وهكذا ، فيتحقق حصول ما لا نهاية له ، وهو محال.
وقال أبو الحسين : يجب حال دون حال وهكذا ؛ فإنّه إذا كان ذلك القدر مصلحة خالية عن المفسدة وكان الزائد مفسدة وجب إعطاء ذلك القدر ؛ لوجود الداعي وانتفاء الصارف ، وإذا لم يكن في الزائد مفسدة إلى غير النهاية فإنّ لله تعالى أن يفعل وأن لا يفعل.
والحقّ التوقّف في هذا المقام.
واعلم أنّ الأشاعرة لم يوجبوا عليه تعالى شيئا ممّا ذكرناه ، بناء على أصلهم الفاسد من نفي قاعدة الحسن والقبح وتوهّمهم أنّه لا حاكم على أحكم الحاكمين (٣) ، ولم يعلموا أنّه سبحانه بإعطائنا العقول السليمة الحاكم بذلك هو الحاكم بالحقيقة ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا.
__________________
(١) لجوّزنا ـ خ : (آ).
(٢) الوعيدية ـ خ : (د).
(٣) ولم يعلموا أنّ الوجوب هنا عقلي يلزم من نفيه القبح لا أنّه شرعي فتفوّهوا بما لا يعبأ به.