المطلب الثالث : في تعيين النبيّ
وفيه أبحاث :
[البحث] الأوّل : سيّدنا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب صلىاللهعليهوآله نبي حقّا ، لأنّه ادّعى ذلك وظهرت المعجزة على يده ، وكلّ من كان كذلك فهو نبي. أمّا أوّل الصغرى فضروري تواترا ، وأمّا ثانيها فلوجوه :
الأوّل : أنّه أتى بالقرآن وهو معلوم تواترا (١) ، وتحدّى به العرب الذين هم أهل الفصاحة والبلاغة بقوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٢) (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ)(٣) (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (٤) وكل ذلك معلوم متواترا أيضا ، فعجزوا عن الإتيان بمثله وإلّا لما عدلوا إلى محاربته التي فيها قتل أنفسهم وذهاب أموالهم ، إذ العاقل لا يختار الأصعب مع إنجاح الأسهل ، الذي هو
__________________
(١) وقد تواتر نقل القرآن الكريم عن رسول الله خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله بين عامة المسلمين جيلا بعد جيل واستمرت مادّته وصورته كلّها بينهم. وما أنزله الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله على نحو الإعجاز هو ما بين الدّفتين الموجود اليوم في الدنيا بين المسلمين ، وليس بأكثر من ذلك ، وقال الشيخ الصدوق (ره) : ومن نسب إلينا ـ يعني الشيعة الإمامية ـ أنّا نقول : إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب.
وقال السيد المرتضى علم الهدى (ره) : من خالف في ذلك من الحشوية لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنّوا صحتها ، وقال الشيخ الطوسي (ره) : طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، وقد جمع أكثر تلك الأخبار الشاذّة المحدّث النوري (ره) في كتابه الممقوت فصل الخطاب وقد يعتمد في نقليّاته على مثل كتاب دبستان مذاهب المجهول المؤلف ، والظنّ القوي أنّ مؤلّفه مجوسي عدوّ للإسلام ، وقد جمع فيه من الأكاذيب ما لا يحصى ، وقال بعض أهل التحقيق : إنّ تأليف فصل الخطاب كان من حيل أعداء الإسلام والقرآن. وبالجملة أنّه كتاب ممقوت للمسلمين لا يليق أن يكون موردا للاعتماد ، فإنّه لا يسوى عندهم قلامة ظفر. وانظر في حقّه إلى ما كتبه العلّامة البلاغي (ره) في مقدمة : آلاء الرحمن.
(٢) البقرة ٢ : ٢٣.
(٣) هود ١١ : ١٣.
(٤) الاسراء ١٧ : ٨٨.