الفهم ، وليس في الآية دلالة على منفعته (١) ؛ إذ لا يلزم من إرسال الرسل بلسان قومه أن لا يرسله إلى غيرهم بتفهيمهم بلسانهم.
وذكر القاضي في يأجوج ومأجوج وجهين :
أحدهما : أن لا يكونوا بمكلّفين وإن سمّوا مفسدين في الأرض.
وثانيهما : أنّهم مكلّفون وأنّ الدعوة (٢) بلغتهم لإمكان قربهم من السدّ وسماعهم من ورائه (٣).
فائدة : يلزم من عموم نبوّته كونه خاتم الأنبياء وإلّا لم تكن عامّة للخلق ، ولقوله تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٤) وقوله عليهالسلام : لا نبيّ بعدي.
البحث الثالث : في أنّه عليهالسلام أفضل من غيره من الأنبياء ، ويدلّ عليه وجوه :
الأوّل : أنّه أكثر كمالات في القوة العلمية والعملية فيكون أفضل.
أمّا الصغرى فلأنّ العلوم الفائضة عنه صلىاللهعليهوآله لا نسبة لعلم غيره من الأنبياء إليها تحقيقا وفائدة ؛ ولأنّ شريعته عامة فتكون أكثر نفعا ، فيكون أتباعه أكثر عددا من أتباع غيره ، ولأنّ أخلاقه أشرف من أخلاق غيره ، ولورود التعبّدات في شرعه ، والأمر بمكارم الأخلاق فيه أكثر.
__________________
(١) منعه ـ خ : (آ).
(٢) الدعوى ـ خ : (آ).
(٣) غير خفيّ على الخبير أنّ الدعوة النبوية إلى الإسلام لم تكن دفعة واحدة في ابتداء ظهوره حتّى تبلغ على وجه الأرض كلّها في زمانه صلىاللهعليهوآله بل الدعوة تدريجية ، كما أنّ بيان الأحكام كان على التدريج ، قال سبحانه : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) فمن بلغ إليه الإسلام تدريجا منذ ظهوره إلى يومنا هذا ولو كان في أدنى الأرض وأقصاها ، فتتمّ عليه الحجة ولا بد له أن يؤمن به ويصادعه وما جاء به من عند الله تعالى ، فالدعوة تبلغ على نحو التدريج وعلى مرّ الزمان وتعاقب الملوان.
وأمّا تحقيق المراد من «يأجوج ومأجوج» فليس هنا موضع بيانه ، ومهما يكن المراد فقد بلغ إليهم الإسلام تدريجا قطعا ، فلا حاجة إلى الاحتمال الذي ذكره بقوله : لإمكان قربهم من السدّ ...
(٤) الأحزاب ٣٣ : ٤٠ ـ الخاتم والخاتم ـ بالفتح والكسر ـ عاقبة كل شيء ـ خاتم النبيين : أي آخرهم.