غاية من القلّة لا يفيد قولهم علما (١).
الثاني : أنّه لو كان متعبّدا بشريعة من الشرائع لاشتهر ذلك ولافتخر به أربابها ؛ لأنّ ذلك مما تشتدّ الداعية إليه وإلى نقله ، لكنّه لم يشتهر ذلك ولم ينقل ، فلم يكن متعبّدا بشيء منها ، وهو المطلوب ، وأمّا بعد النبوّة فكذلك ، وتحقيقه في أصول الفقه (٢).
البحث الخامس : في أنّه لما ثبت نبوّته صلىاللهعليهوآله ، وجب أنّ كلّ ما جاء به من الأحكام وأخبر به أمّته من أحوال القرون الماضية وأخبار السماء وأحوال القيامة وكيفية حشر الأجساد والجنة والنار حقّ وصدق ؛ لإمكانه وإخبار الصادق بوقوعه.
ثمّ اعلم أنّ الحقّ عندنا أنّ شرعه محفوظ بالإمام المعصوم الذي لا يجوز خلوّ زمان التكليف منه ـ كما يجيء ـ فيتلقّاه المكلّفون منه حال الحضور ، وأمّا في الغيبة فأصول الشرع مضبوطة منقولة بالتواتر عن المعصوم ، وأمّا فروعه فمنها ما هو مأخوذ بالإجماع أو بطريق الآحاد الجامع للشرائط أو باستخراج الجزئيات من الأصول الكلية. وبيانه في أصول الفقه.
المطلب الرابع : في توابع مباحث النبوّة
وفيه فصول :
__________________
(١) وقد استدل بذلك الامام الرازي في كتابه معالم أصول الدين وقال : الحقّ أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله قبل نزول الوحي ما كان على شرع أحد من الأنبياء عليهالسلام ، وذلك لأنّ الشرائع السابقة على شرع عيسى عليهالسلام صارت منسوخة بشرع عيسى عليهالسلام ، وأمّا شريعة عيسى عليهالسلام فقد صارت منقطعة بسبب أنّ الناقلين عندهم النصارى ، وهم كفار بسبب القول بالتثليث ، فلا يكون نقلهم حجّة ، وأمّا الذين بقوا على شريعة عيسى عليهالسلام مع البراءة من التثليث فهم قليلون فلا يكون نقلهم حجّة ، وإذا كان كذلك ثبت أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله ما كان قبل النبوة على شريعة أحد. انظر هامش نقد المحصل ، ص ١١١ طبعة مصر سنة ١٣٢٣.
(٢) وقد كتبنا حول هذا المطلب في إضافاتنا على كتاب جنّة المأوى على نحو التفصيل انظر ص ٣٣٠ ـ ٣٥٩ طبعة تبريز. وكتبنا أيضا حوله في كتابنا فصل الخطاب ، وهو مخطوط.