سلّمناه لكن آحادي والمسألة علمية ، سلّمنا لكنه يحتمل وجهين :
الأوّل : أن يراد بالأبد المدّة الطويلة. الثاني : أن يكون فيه إضمار تقديره : ما لم يأت صاحب شريعة واستغنى عن إظهاره للعلم به أو قاله ولم ينقل.
إن قلت : هذا خلاف الظاهر المتبادر إلى الفهم.
قلت : الدليل النقلي لا يجوز العمل على ظاهره مع معارضة العقلي ، فيجب حمله على أحد محتملاته ، والعقل هنا ثابت ، وهو البرهان على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، هذا كلّه على تقدير صحّته وإلّا فنحن من وراء المنع.
الفصل الثالث : في الردّ على المشهور من المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة ، وهو أقسام :
الأوّل : الردّ على اليهود ، اعلم أنّهم (١) افترقوا فرقا كثيرة ، لكن المشهور من فرقهم ثلاثة : الربانيون والقراءون والسامريّون ، وهؤلاء مجمعون على نبوّة موسى وهارون ويوشع ، وعلى التوراة وأحكامها وإن كانت مبدّلة مختلفة النسخ والتواريخ والأحكام ، لكنهم يستخرجون منها ستمائة وثلاثة عشر فريضة يتعبّدون بها ، وينفرد الربانيون والقراءون عن السامرة بنبوّات أنبياء غير الثلاثة المذكورين ، وينقلون عنهم تسعة عشر كتابا ويضيفونها إلى خمسة أسفار التوراة ، ويعبّرون عن الأربعة وعشرين كتابا بالنبوّات ، وهي على مراتب أربع عندهم بحسب مراتب النبوّات في التقدّم زمانا ورتبة ، وتفاصيلها في المطوّلات.
والعمدة في إبطال مذهبهم إنّما هو بتصحيح القول بالنسخ ، وقد بيّنا في الفصل
__________________
ـ وزبدة القول في ابن الراوندي أنّه مخطئ في تأليفه لهذه الكتب التي هي من كتب الضلال سواء كان ألّفها معتقدا بها أو لأجل معارضة المعتزلة كما ذكره المرتضى (ره) في الشافي إلّا أنّه مع نقضه لأكثرها وحكاية القول بتوبته منها لا يمكن الجزم بإلحاده ، ويبقى حاله في مرحلة الشك وإن جزمنا بخطئه ، والله العالم بسريرته. انظر أعيان الشيعة ج ١٠ ، المجلد ١١ ، ص ٣٤٦ طبعة دمشق.
(١) إنّ اليهود ـ خ : (آ).