حادثا فهو مناقض لمذهبهم ؛ لأنّه شرّ ، لأنّه فاعل الشرّ (١) الحاصل في العالم ، فكيف يصدر عن «يزدان» وهم لا (٢) يجوّزون صدور الشرّ عنه.
لا يقال : يلزمكم مثله ؛ لأنّكم تثبتون الشيطان الشرير وأنّ الله تعالى هو خالقه.
لأنّا نقول : ذلك غير لازم ؛ لأنّ الشيطان عندنا فاعل بالاختيار ، وفاعل فاعل الشرّ بالاختيار ليس فاعلا للشرّ ، بخلاف فاعل فاعل الشرّ بالإيجاب.
الرابع : الردّ على الثنوية ، وهم أربعة أصناف : المانوية والمزدكية والديصانية والمرقيونية ، واتّفقوا كلّهم على أنّ للعالم أصلين قديمين ، هما النور والظلمة ، والنور جوهر حسن فاعل للخيرات ، والظلمة جوهر خبيث فاعل للشرور ، وإنّما اختلافهم في كيفية حدوث العالم من امتزاج النور بالظلمة ، وهل الظلمة فاعلة بالاختيار أم لا؟ وفي كيفية تخلّص النور من الظلمة ، إلى غير ذلك ممّا لا فائدة في ذكره (٣).
واحتجّوا على إثبات الأصلين بأنّ الخير والشرّ ضدّان ، والفاعل الواحد لا يجوز أن يصدر عنه ضدّان ؛ لأنّ نسبته إليهما متساوية ، فإن لم يتوقّف صدور أحدهما بعينه على مرجّح لزم الترجيح من غير مرجّح ، وإن توقّف فذلك المرجّح إن كان فعله فالكلام فيه كما في الأوّل (٤) ويلزم التسلسل ، وإن كان فعل غيره لم يكن ما فرضناه فاعلا فاعلا ، وهذا خلف.
والجواب : أمّا إجمالا فيما تقدّم من أنّ ما سوى الله تعالى حادث ، وأنّ صانع العالم
__________________
(١) للشرّ ـ خ : (آ).
(٢) لا ـ خ : (آ) وليس في ـ خ : (د) والصحيح ـ خ : (آ) المناط والإشكال في ادّعاء المجوس بعدم صدور الشرور عن المبدأ هو السنخية بين العلّة والمعلول ، بأنّ المبدأ هو الخير فكيف يصدر عنه الشرّ؟ فيقال في جوابهم : إنّ قولكم هذا يناقض اعتقادكم ، فإن كان المناط هو السنخية بين العلّة والمعلول فكيف صدر مبدأ الشرّ وهو «أهريمن» عن مبدأ الخير ، فالشرّ المحض صدر عن الخير المحض ، فيلزم من قولكم ودليلكم بطلان مذهبكم.
(٣) فإنّ كلّ ما ذكروه ليس إلّا توهّمات وتخيّلات لا يتجاوز عن مقام التصوّر الباطل ، فلا فائدة بإطالة الكلام في ذكر تلك الأباطيل والخزعبلات والشطحات.
(٤) كالكلام في الأوّل ـ خ : (آ).