قديم فيصدق قياس من الشكل الأوّل : النور والظلمة حادثان ، ولا شيء من الحادث بمؤثّر في العالم ، فلا شيء من النور والظلمة بمؤثّر ، وهو المطلوب.
وأمّا تفصيلا فبالمنع من كون الخير والشرّ ضدّين ، فإنّ الضدين لا يجتمعان في ذات واحدة ، وهما مجتمعان (١) فإنّ لطمة اليتيم خير إذا كانت تأديبا وشرّ إذا كانت ظلما وهي فعل واحد.
سلّمنا ، لكن لا نسلّم أنّ الفاعل إذا كان مختارا لا يصدر عنه ضدّان ، فإنّ الحركة إلى جهة تضادّ الحركة إلى أخرى ضدّها ، والفاعل يوجد الضدّين ، والباري تعالى ثبت اختياره فجاز صدور الضدّين عنه.
وقولهم : ترجيح أحد الضدّين يتوقّف على مرجّح مسلّم ، لكن لم لا يجوز أن يكون المرجّح ما فيه من المصلحة؟ وذلك لا يستلزم انتفاء الفاعلية إذا كان الفاعل مختارا.
وقد ألزموا صورة ، هي أنّ الجناية على (٢) المنعم شرّ ، والاعتذار إليه عنها خير (٣) ، فالفاعل لهما معا إمّا النور وحده أو الظلمة وحدها ، وهما باطلان عندهم ؛ لأنّ الخير لا يستند إلى الظلمة والشرّ لا يستند إلى النور (٤) وإمّا أن تكون الجناية صادرة من الظلمة والاعتذار من النور وهو أيضا باطل ؛ لأنّ الاعتذار لا يكون حسنا إلّا إذا كان فاعله هو فاعل الجناية ، وإن كان الفاعل غيرهما فهو مناقض (٥) لقولهم : إنّ الخير مستند إلى النور والشرّ إلى الظلمة.
وفيه نظر (٦).
__________________
(١) يجتمعان ـ خ : (آ).
(٢) إلى ـ خ : (د).
(٣) حسن اتفاقا ـ خ ل ـ خ : (آ).
(٤) ولأنّ الظلمة قد يحصل منها الخير أحيانا كالتخفّي من الظالم والتستّر من عدو وتعين على النوم الموجب للراحة والقوة على العبادة ولكونها قابضة للبصر والنور مفرقا له ـ كذا في هامش ـ خ : (آ).
(٥) تناقض ـ خ : (د).
(٦) فإنّا لا نسلّم قبح اعتذار العبد للعبد ـ كذا في هامش ـ خ : (آ).