جسماني يبلّغنا (١) به ما تلقّاه ، وهم الأنبياء فالخليل عليهالسلام كان مبعوثا بتقرير مذهب هؤلاء والردّ على الصابئة ، واحتجّ على عبدة الكواكب بإلزامهم بأفولها ، الذي هو حركتها المستلزم لحدوثها ، الذي اعترف بعضهم بأنّه سبب لعدم صلاحيتها للعبادة. واحتجّ على عبدة الأصنام بقوله : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٢) (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٣) فلم يرجعوا عمّا هم عليه ، فعدل إلى إلزامهم بأن جعلها جذاذا إلّا كبيرا لهم ف : (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) (٤) فاندحضت حجّتهم ، فقالوا (إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) (٥).
واعلم أنّ الضرورة قاضية ببطلان مذهبهم ؛ إذ الجمادات لا فعل لها ولا شفاعة ولا غيرها ، ولا يرد علينا طوافنا بالبيت واستلام الحجر وتقبيله ؛ لأنّا لا نقصد أنّ البيت أو الحجر يشفع لنا ، إذ هو واسطة بيننا وبينه تعالى ، بل أمرنا بذلك تعبّدا لمصلحة استأثر الله بسرّها.
السادس : الردّ على المنجّمين وأهل الطبيعة.
اعلم أنّ جماعة يسندون الحوادث الكائنة فيما تحت فلك القمر (٦) إلى العقل الفعّال بواسطة الحركات الفلكية ؛ بناء على القول بأنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا واحد وهم
__________________
(١) يلقنا ـ خ ل ـ خ : (د).
(٢) الصافات ٣٧ : ٩٥.
(٣) مريم ١٩ : ٤٢.
(٤) الأنبياء ٢١ : ٦٢ ، ٦٣.
(٥) الأنبياء ٢١ : ٦٤.
(٦) هذا القول بناء على المزاعم السابقة من وجود فلك القمر وغيره ، وقد ظهر بطلانه في هذه العصور وذهبت السفينة إلى كرة القمر ورجعت إلى الأرض ولم يلزم الخرق والالتئام في الفلك الذي زعموه ، وظهر بطلان القول بوجود كرة النار ، واتّضح بطلان الإشكال في قضية معراج رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعض التأويلات التي ذكرها بعض من ارتكز في ذهنه وجود كرة النار واعتقد بقواعد الهيئة البطلميوسية وفرضياتها ، وظهر أيضا بطلان تطبيق السماوات الواردة في القرآن الكريم بتلك الأفلاك التي كانت مسلّمة في الهيئة المذكورة.