فيما يدّعونه ؛ لأنّ أبا معشر (١) يزعم أنّ الأدوار والألوف هي الأصل في هذا العالم ، وهي لا تتكرّر بالنسبة إلى شخص واحد حتّى يحكم بالتجربة.
الثالث : دليل المتكلّمين : لو كانت مؤثّرة لكان إمّا بالإيجاب وهو باطل ، وإلّا لزم سقوط الأمر والنهي والمدح والذم ، وإمّا بالاختيار وهو باطل أيضا ؛ لوجوه :
الأوّل : لزوم ما تقدّم. الثاني : يلزم أن لا تستقرّ أفعالها على حالة واحدة ، بل تنتقل من الشيء إلى ضدّه كما هو شأن الفاعل بالاختيار ، واللازم باطل ؛ لأنّ الفعل المنسوب إلى كوكب لا يجوز نسبته إلى غيره عندهم ، كالقتل والفتك إلى المريخ والديانات والخير إلى المشتري والعلوم الدقيقة إلى عطارد.
الثالث : يلزم أن تكون لها حياة وهو باطل ؛ لوجوه :
الأوّل : إجماع المسلمين وهو كاف هنا. الثاني : أنّ من شرط الحياة الرطوبة ، وهي مفقودة في الكواكب باتّفاقهم. الثالث : أنّ من شرط الحياة كون الحرارة على قسط مخصوص وأنّ النار على صرافتها يستحيل أن تكون حية ، والشمس أشدّ حرارة من النار فإنّها على بعدها تؤثّر ما تؤثّر النار على قربها ، فلأن لا تكون حية أولى. وعلى تقدير كون الكواكب أحياء قادرين فإنّها قادرة بقدرة لكونها أجساما ، والقادر بقدرة لا يصحّ أن يفعل بالاختراع بل إمّا بالتوليد أو بالمباشرة ، لكنهم يسندون (٢) إليها التأثير الاختراعي.
الرابع : لهم أيضا ، تقريره : لو كانت مؤثّرة في هذه الحوادث الكائنة (٣) عندنا لزم كونها آلهة ؛ لأنّا لا نريد بالإله إلّا المؤثّر فينا وفي الحوادث الكائنة عندنا ، لكن كونها آلهة باطل ؛ لجسميتها والإله ليس بجسم (٤) فلا تكون مؤثّرة ، وهو المطلوب.
__________________
(١) أبو معشر المنجّم جعفر بن محمد بن عمر البلخي صاحب التصانيف ، لا زالت مصنفاته مخطوطة في خزائن أو روبا توفّي بواسط سنة ٢٧٢ ، وقد جاوز المائة.
(٢) يستندون ـ خ : (د).
(٣) الكائنة ـ خ : (د).
(٤) اعلم أنّ هنا قياسين مقدّرين : استثنائي هو لو كانت مؤثّرة كانت آلهة ، لكنها ليس آلهة ، فليست مؤثرة ، ـ