الأفضلية ولا يعلم كثرته إلّا الله ، فيجب نصبه عليه ، وإلّا لكان تكليفنا باتّباعه مع عدم النصّ تكليفا بالمحال.
الثاني : علم من سيرة النبي صلىاللهعليهوآله كونه أشفق على الأمّة من الوالد على الولد ، ويؤيّده قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) ولما كان شفقته عليهم في أشياء لا نسبة لها إلى الإمامة كوظائف الاستنجاء وغيرها ، وكان إذا سافر عن المدينة يوما أو يومين يستخلف فيها من يقوم مقامه ، فيلزم من هذه سيرته أن ينصّ لهم على ما هو أعمّ نفعا وأعظم فائدة وأشدّ احتياجا إليه ، وهو نصب إمام (٢) ، وهو المطلوب.
لا يقال : لم لا يجوز أن يكون ترك ذلك اتّكالا على اختيارهم ، وإنّهم لا يختارون إلّا الصالح لها خصوصا على قولكم : إنّ الإمامة واجبة عقلا ، فلكم طريق إلى وجوبها وتعيينها؟.
لأنّا نقول : أمّا مع اشتراط العصمة فظاهر أنّه لا علم لهم بالصالح لها ، وأمّا مع عدم الاشتراط فلأنّ العقل وإن دلّ على وجوب الإمام في الجملة لا يدلّ على إمامة شخص معيّن ، فلا بدّ أن يكون مستفادا من الشرع بوحي إلهي ، وهو المطلوب.
واعلم أنّ النصّ هنا قد يكون قوليا وقد يكون فعليا كخلق المعجز على يده ، فإنّه قد يحتاج إليه في بعض الأوقات ، فيجب أن تكون له آيات ودلالات خارقة للعادة ، وهو المطلوب.
[البحث] الثالث (٣) : في إثبات إمامة علي عليهالسلام بلا فصل ، ولنا في ذلك مسالك:
[المسلك] الأوّل : من حيث الاستدلال ، وهو من وجوه :
الأوّل : كلّما وجب كون الإمام معصوما وجب أن يكون هو عليّ عليهالسلام ، لكن المقدم
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٢٨. وقال تعالى : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) فاطر ـ آية : ٨.
(٢) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.
(٣) أي البحث الثالث من المقصد الثاني.