على أنّا لا نخطّئ زيدا رضي الله عنه في قيامه وجهاده ، وإيضاح ذلك بما رواه شيخنا الصدوق محمد بن بابويه رحمهالله من (١) حديث أخذنا منه موضع الحاجة عن الرضا عليهالسلام قال : أخبرني أبي موسى بن جعفر عليهماالسلام أنّه سمع أباه يقول : رحم الله عمّي زيدا فإنّه دعا إلى الرضا من آل محمد ، ولو ظفر بما دعا إليه لوفى ، قال : ولقد استشارني في خروجه ، فقلت له : يا عمّ إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك ، فلمّا ولي قال جعفر بن محمد عليهماالسلام : ويل لمن سمع داعيته (٢) فلم يجبه ، فقال المأمون (٣) : يا أبا الحسن عليهالسلام أليس قد جاء فيمن ادّعى الإمامة بغير حقّها ما جاء؟ فقال الرضا عليهالسلام : إنّ زيد بن علي لم يدّع ما ليس له بحقّ ، إنّه اتقى لله من ذلك ، إنّه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد وإنّما جاء ما جاء فيمن يدّعي أنّ الله نصّ عليه ثمّ يدعو إلى غير دين الله ويضل الناس عن سبيله بغير علم ، فكان زيد والله ممّن خوطب بهذه الآية : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ)(٤).
أقول : ولا يمكن حمل قوله : «إلى الرضا» أي إلى نفسه ، كما يقول الإمام نفسه أدعوكم إلى الإمام العادل ؛ لأنّه خلاف الظاهر ، فإنّ الظاهر أنّ مراده : أدعوكم إلى كلّ مرضيّ من آل محمد ؛ لأنّ الرضا بمعنى المرضيّ وهو عام ، والأصل إجراء العام على عمومه ، فحمله على إرادة نفسه تخصيص من غير دليل ، ولهم شبهات واهية على دعواهم مبنيّة على هدم قاعدة العصمة ، والنصّ لا يخفى على المحصّل ، والجواب عنها وأكثرها روايات من طرقهم (٥) مع تسليم صحّتها ليست دالّة على المطلوب.
فائدة : من تشنيعهم علينا قول سليمان بن جرير شيخهم (٦) : إنّ أئمّة الرافضة
__________________
(١) في ـ خ : (د). وألّف جمع من علمائنا الإمامية (رض) كتبا مستقلّة في أحوال زيد الشهيد رضوان الله عليه كسيدنا المعاصر الجليل السيد عبد الرزاق المقرّم قدسسره ـ وكتابه مطبوع منتشر.
(٢) دعايته ـ خ : (آ).
(٣) المأمون ـ خ : (د).
(٤) الحج ٢٢ : ٧٨.
(٥) طريقهم ـ خ : (د).
(٦) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب فيه تحقيق البداء والتقية.