الثالث : قصة عمّار بن ياسر مع الكفار لمّا أمر بسبّ النبيّ فسبّه ولم يسبّه أبواه ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : إن عادوا فعد فنزل (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١).
الرابع : قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢) إلى غير ذلك والتقية نجوّزها حين خوف التهلكة.
وإن قلت : فما الفرق بينها وبين النفاق.
قلت : هي إظهار الباطل وكتمان الحقّ خوفا من الظالم ، والنفاق إظهار الحق وكتمان الباطل خوفا من العادل. هذا مع أنّ هؤلاء الجهلة لو فطنوا وأنصفوا لما قالوا ذلك ، فإنّهم كانوا في زمن بني العباس ينقلون علم مذهبهم من «اليقاطين» إلى الجرار تحت الأرض ، حتّى سمّي مذهبهم مذهب الجرّة (٣) ثمّ إنّهم يقعدون الآن ويختبئون في حصن من الحصون ولا يخرجون ، فإن كان مع القدرة على الجهاد فهو فسق ، وإن كان مع العجز وخوف الهلاك فهو كقولنا (٤) لكنّهم صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون شعر :
ولو أنصفت في حكمها أمّ مالك |
|
إذا لرأت تلك المساوي محاسنا |
[القسم] الثالث : في الردّ على باقي فرق الشيعة ، أمّا ما عدا الإسماعيلية والغلاة
__________________
وقال ذلك الناصب الجاهل في آية : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) إنّها في حقّ فرد واحد كان له خطر هلاكة النفس ، ولم يفهم أنّ العبرة بعموم الحكم لا بخصوص المورد ، فإنّ المورد لا يخصّص ، ذكرت هذه الأباطيل لذكر الجواب عليها وإلّا كلماته غير قابلة للاعتناء ، فإنّها من كلمات الجهال والسفهاء بل لا شك أنّ لكاتب تلك الأباطيل مرض روحي وجسمي لا يعبأ بأقواله وأفعاله ، وزاد الله تعالى في مرضه بحقّ النبيصلىاللهعليهوآله.
(١) النحل ١٦ : ١٠٦.
(٢) البقرة ٢ : ١٩٥.
(٣) قال البياضي : على أنّ الزيدية في دولة العباسيين نقلوا مذهبهم من اليقاطين إلى الجرار تحت الأرض حتّى سمّي مذهبهم مذهب الجرة ـ الصراط المستقيم ، ج ٢ ، ص ٢٧١.
(٤) فهو قولنا ـ خ : (آ) أي التقية في حين خوف التهلكة ـ هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.