وهو مذهب معتزلة بغداد وعطاء ومجاهد من التابعين ، والشيعة كافة قديما وحديثا ، ولنا في المطلوب مسلكان :
[المسلك] الاوّل : النصّ على أفضليته إجمالا ، وهو من وجوه :
[الوجه] الأوّل : أنّه مساوي النبي صلىاللهعليهوآله والنبي أفضل ، ومساوي الأفضل أفضل. أمّا الأولى : فلقوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (١) واتّفق المفسّرون على أنّ المراد بالنساء فاطمة ، وبالأبناء الحسنان ، وبالأنفس هو علي عليهالسلام ، ومن المحال أن تكون نفس علي عليهالسلام هي نفس النبيّ صلىاللهعليهوآله حقيقة ، فبقي أن يكون المراد المثلية ، والمثلية هي التساوي ، والمتساويان ـ كما عرفت ـ هما اللذان يسند أحدهما مسند صاحبه ، فيقتضي ذلك أنّ كلّ ما حصل لمحمّد صلىاللهعليهوآله من الفضائل فمثله حاصل لعليّ عليهالسلام إلّا ما أخرجه الدليل فيبقى عاما فيما سواه. وأمّا أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله أفضل فهو ممّا لا شبهة فيه فيكون عليّ عليهالسلام كذلك ، وهو المطلوب.
إن قلت : لم لا يجوز أن يكون المراد بالنفس هو النبي صلىاللهعليهوآله ليكون اللفظ مستعملا في حقيقته؟ لأنّ ما ذكرتموه مجاز خلاف الأصل ، وصيغة الجمع لا تنافي ما ذكرناه ؛ إذ المعظم يعبّر عنه بالجمع ك (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) (٢).
قلت : أوّلا : هذا خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلّا بدليل ، خصوصا وقد ثبت أنّ المفسّرين نقلوا ذلك (٣). وثانيا : يلزم أن يكون المدعوّ والداعي واحدا ، وهو باطل.
[الوجه] الثاني : خبر الطائر ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فجاء عليّ عليهالسلام ، والخبر مشهور متواتر ، ومعلوم أنّ المحبة هي كثرة الثواب التي هي عبارة عن الأفضلية ، فمن كان أحبّ فهو أفضل.
لا يقال : لفظة «أحبّ» ليست باقية على العموم ؛ إذ يحتمل أن يكون أحبّ في كلّ الأمور وفي بعضها ، فلا يكون دليلا على الأفضلية.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٦١.
(٢) يوسف ١٢ : ٣ ؛ الكهف ١٨ : ١٣.
(٣) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.