«أين علي» فقيل له : إنّه أرمد (١) ، فجاءه فتفل في عينيه ، ثمّ دفع إليه الراية.
وهذه القصّة تدلّ على اختصاصه عليهالسلام بصفات لم تكن حاصلة لهما من وجوه :
الأوّل : أنّهما رجعا منهزمين ، وذلك يقتضي كونهما فرّارين ، وهو صفة نقص في حقّ الإسلامي.
الثاني : وصفه بكونه كرّارا ، وهذه صفة أخرى زائدة على كونه غير فرّار ؛ لأنّ الثاني أعمّ من الأوّل ، لأنّ غير الفرّار قد يكون كرّارا تارة وغير كرّار أخرى ، فكلّ كرّار فهو غير فرّار ، وقد أثبت له عليهالسلام الوصفان جميعا ، وظاهره يقتضي نفيهما عمّن تقدّم.
الثالث : كونه يحبّ الله ورسوله أثبت له هذه الخاصّة جزما ، ثمّ خصّه ثانيا بأن قال : «ويحبّه الله ورسوله» وهذه خاصة ثانية زائدة على الأولى ، وظاهر هذا الكلام يدلّ على نفي هذين الوصفين عمّن تقدّم ، وذلك غاية لنقصهما وفضله عليهالسلام عليهما حينئذ ، بل تحته سرّ لا يمكن شرحه ، وكلّ ميسّر لما خلق له.
وينبّهك على ما قلناه من الاختصاص : أنّ من أرسل رسولا (٢) في مهمّ فقصّر الرسول فيه ، فقال المرسل بمحضر من الناس : لأرسلنّ غدا رسولا من صفته كذا وكذا ، فإنّه يدلّ بظاهر كلامه على أنّ الصفات المشار إليها في الرسول الثاني ليست حاصلة له في الأوّل ، إن لم يكن كلّها فلا أقلّ من البعض ، فقد ظهر لك من هاتين الصورتين أنّه عليهالسلام أفضل من كلّ واحد من الصحابة ، وهو المطلوب.
القسم الثالث : الخارجية ، وهي أنواع :
الأوّل : النسب الشريف ، ومعلوم أنّ أشرف النسب ما قرب من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وهو كان أقرب فإنّ العبّاس وإن كان عمّا ، لكنه من جهة الأب خاصّة وعلي عليهالسلام ابن عمّه من الأبوين ، وأيضا عليّ عليهالسلام هاشمي من هاشميين.
الثاني : مصاهرته للرسول صلىاللهعليهوآله بزواجه سيدة النساء التي نطق القرآن بعصمتها ،
__________________
(١) العينين ـ خ : (د).
(٢) رسوله ـ خ : (آ).