وأفتى بها ، ولم يعزل كثيرا من عمّالهم كشريح ولم يستردّ فدكا ، فإن كان ذلك صوابا فما باله خطابا (١) له يتظلّم من أخذ حقّه كما ينقلون عنه ، وإن لم يكن صوابا كان طعنا عليه.
والجواب : لما ثبتت عصمته وإمامته وجب أن يكون كلّ ما فعله صوابا وإن أنكرنا ظاهره ، فجاز اشتماله على مصلحة لا نعلمها ، مع أنّ التقية قد بيّنا وجه الحكمة فيها. ويعلم ممّا ذكرناه سابقا زيادة في الجواب عن هذا الوجه.
السادس : روي أنّه خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فشكته فاطمة عليهاالسلام إلى أبيها (٢) فقال صلىاللهعليهوآله على المنبر : إنّ عليا آذاني بخطب (٣) بنت أبي جهل ، ليجمع بينها وبين فاطمة ، ولم يستقم الجمع بين بنت نبيّ الله وبين بنت عدوّه ، أما علمتم معاشر الناس أنّ من آذى فاطمة فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله.
والجواب : أنّ هذا كذب وضعه بعض النواصب ليطعن به عليه عليهالسلام ، وكذبه مشهور ، وكفاه كذبا إسناده إلى الكرابيسي (٤) ، وكان عدوّا لأهل البيت عليهمالسلام ، ولو كان صحيحا لذكره بنو أمية واحتجوا به في مطلوبهم (٥).
الفصل الثاني : فيما أورد على الحسن عليهالسلام ، وهو أنّه صالح معاوية وبايعه وخلع
__________________
(١) باله خطابا ـ خ : (د).
(٢) النبي صلىاللهعليهوآله ـ خ : (آ).
(٣) فخطب ـ خ : (د).
(٤) هو أبو علي الحسين بن علي بن يزيد البغدادي الكرابيسي صاحب الشافعي (٢٤٥) أو (٢٤٨) قال ابن النديم في الفهرست : (٢٧٠ ـ : (... وكان من المجبرة وعارفا بالحديث والفقه ... وله من الكتب كتاب المدلّسين في الحديث ، وكتاب الإمامة ، وفيه غمز على عليّ عليهالسلام ، وفي ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ ، ص ٢٥٥ : (... لا يرجع إلى قوله. وقال الخطيب : حديثه يعزّ جدا ؛ لأنّ أحمد بن حنبل كان يتكلّم فيه بسبب مسألة اللفظ ، وهو أيضا كان يتكلّم في أحمد فتجنب الناس الأخذ عنه ... وفي تهذيب التهذيب ج ٢ ، ص ٣٥٩ : «... وقال الأزري : ساقط لا يرجع إلى قوله. وقال ابن حيان : أفسده قلّة عقله. أقول : إن كان له عقل لم ينقل تلك الأسطورة الكاذبة والقصّة المجعولة الخرافية ، ولم يكن من أعداء أهل البيت عليهمالسلام.
(٥) وإن شئت تفصيل الجواب فانظر إلى تلخيص الشافي للشيخ (ره) ، ج ٢ ، ص ٢٧٦ طبعة النجف ، وكون هذه القصة أسطورة لا يعبأ بها من الواضحات ؛ ولذا لم يتعرّض المصنّف (ره) إلى جوابها تفصيلا.